الاقتصاد الموريتاني: الموت السريري

مع تراجع أسعار المعادن في الأسواق العالمية، وهي التي يعتمد عليها الاقتصاد الموريتاني بشكل أساسي، انفجرت الأزمة الاقتصادية التي توصَف اليوم في نواكشوط بالخانقة، وهي بدأت بتراجع العملة الموريتانية ففقدت "الأوقية" (اسم العملة الموريتانية) خلال الأشهر الأخيرة ما يقارب عشرة في المئة، حيث وصل سعر الدولار اليوم إلى 355 أوقية في البنك المركزي الموريتاني.
2016-10-04

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
العملة الموريتانية

مع تراجع أسعار المعادن في الأسواق العالمية، وهي التي يعتمد عليها الاقتصاد الموريتاني بشكل أساسي، انفجرت الأزمة الاقتصادية التي توصَف اليوم في نواكشوط بالخانقة، وهي بدأت بتراجع العملة الموريتانية ففقدت "الأوقية" (اسم العملة الموريتانية) خلال الأشهر الأخيرة ما يقارب عشرة في المئة، حيث وصل سعر الدولار اليوم إلى 355 أوقية في البنك المركزي الموريتاني.
أما قطاع الصيد البحري الذي يُعتبر أحد أهم المصادر تغذية خزينة الدولة بالعملة الصعبة، ويشكّل ثاني أكبر مساهم في الدخل القومي بعد قطاع المعادن، فهو منخور بالفساد ما يجعل عائداته مهدورة.
ويبدو أن اتّفاق الصيد مع الأوروبيين لا يخدم البلاد بسبب غياب الوسائل التكنولوجية الحديثة وضعف البنية التحتية وغياب التجهيزات من الموانئ الموريتانية ما يجعلها غير قادرة على استقبال سوى عشرة في المئة من مجموع ما تصطاده السفن الأوروبية، أما الباقي فيتمّ تفريغه في موانئ بلدان تلك السفن.
 أما إمكانيات الصيد التقليدي فضعيفة جداً سواء من حيث الطاقة الاستيعابية أو التجهيزات حيث أن ما يصطاده ستة وخمسين زورقاً تقليدياً موريتانياً سنويا يمكن لسفينة أوروبية واحدة اصطياده وتعبئته في يوم   واحد!
واعتبر اقتصاديون موريتانيون أن الغموض يلفّ مداخيل القطاع بالرغم من الاتفاقيات المعلن عنها مع الصين والإتحاد الأوروبي واليابان، وهناك الكثير من الشركات الأخرى والسفن الفردية التي تعمل في هذا الإطار والتي لا توجد إحصائيات دقيقة عن عددها ولا عن ريعها. ويؤكد تيل إبريكنير الخبير الدولي في منظمة الشفافية العالمية أنه "لا يمكن لأحد أن يعرف ما تستلمه الحكومة الموريتانية مقابل عمليات الصيد في الشواطئ الموريتانية، ونحن أيضاً ليست لدينا أي بيانات واضحة بخصوص مدخلات هذا القطاع"..
 وعلى ذلك، يعيش أغلب الموريتانيون على أقلّ من دولارين في اليوم مع غياب الرعاية الصحية وانهيار التعليم، مما يدفع عشرات الآلاف إلى البحث عن وظائف في الخليج العربي، حيث علماء لغة وفقهاء في الشريعة يعملون كحرّاس في منشآت شتّى مقابل رواتب لا تتجاوز الألف وخمسمئة دولار، يعجزون عن توفير أي جزء منها لإرساله إلى البلاد.
وقد حذر حزب المعارضة الرئيسي "تكتّل القوى الديموقراطية" (بقيادة أحمد ولد داداه) من انهيار الأوضاع، واعتبر في وثيقة معززة بالإحصاءات أن موريتانيا حصلت خلال الأعوام الأخيرة بفضل ارتفاع أسعار المعادن ومداخيل الدولة على أكثر من عشرين مليار دولار، وبالرغم من ذلك تراجعت نسبة النمو من 6.6 في المئة إلى 2 في المئة، وفقدت الأوقية ما نسبته أكثر من 46 في المئة من قيمتها خلال الأعوام القليلة الماضية.
وتوقع الحزب سيناريوهين محتملَين:
- إما أن تكون التوقّعات غير واقعية، مما سيتسبب في نقص للإيرادات، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى أزمات في السيولة النقدية وتعطل جهاز الدولة، مع جميع آثار مثل هذا الشلل على بقية قطاعات الاقتصاد الوطني. وفى هذه الحالة سيتوقف النشاط الاقتصادي مما يؤثر سلباً على الخدمات التعليمية والصحية، التي هي أصلاً في حالة يرثى لها.
وإما أن تستمر الدولة بتعنّت في تحصيل الضرائب، مهما كلّف الثمن، مما سيورث حالة عامة من الفقر، يمكن أن تولد انخفاضاً في الاستهلاك ومن ثم في عائدات الضرائب و/ أو اضطرابات اجتماعية تهدد سكينة واستقرار البلد (...) كما أن استفحال حالة الفقر التي تؤثر على جميع طبقات السكان، سيؤدي حتما إلى إضعاف نظام التضامن التقليدي، الذي هو الضامن لاستقرار المجتمع.
لكن الحزب الموريتاني الحاكم يقلل من شأن هذا التصور المتشائم ويقول إن آخر المؤشرات الاقتصادية المصدق عليها من المؤسسات الدولية المتخصصة تقدر النمو الاقتصادي المتوقع هذا العام بـ4 في المئة.

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه