البلاغ الأبيض ينفع في اليوم الأسود

  لماذا تأخر النائب العام حتى الآن في التحقيق في بلاغات من عام 2011  ضد رجال أعمال محسوبين على مبارك؟ وهل قراره بالتحفظ على أموالهم مقدمة لبدء التصالح المالي في جرائم المال العام؟ البلاغات التي حفظت في الأدراج وقتها ذات جدوى ونفع عظيمين.. لو تعلمون! الغرض متعدد الأوجه يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، بيد أن قوانين
2015-11-21

رنا ممدوح

كاتبة صحافية من مصر


شارك
أمجد رسمي-الأردن

 

لماذا تأخر النائب العام حتى الآن في التحقيق في بلاغات من عام 2011  ضد رجال أعمال محسوبين على مبارك؟ وهل قراره بالتحفظ على أموالهم مقدمة لبدء التصالح المالي في جرائم المال العام؟ البلاغات التي حفظت في الأدراج وقتها ذات جدوى ونفع عظيمين.. لو تعلمون!

الغرض متعدد الأوجه

يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، بيد أن قوانين الرئيس السيسي التي تقترب من 500 قانون، بدأت مهمتها في تحرير يد العدالة الناجزة من أغلالها، فبدأ النائب العام التحقيق في بلاغات قدمت إلى النيابة العامة عقب ثورة 25 يناير2011 ، بل واتخذ أول قراراته بشأنها في تشرين الثاني/ نوفمبر2015 ، بالتحفظ على أموال عدد من رجال الأعمال المحسوبين على نظام مبارك، بعد انتظار دام 5 سنوات ما أفقده زهو القرارات المماثلة التي صدرت سابقاً ضد غالبية رجال نظام مبارك البارزين (أحمد نظيف، زهير جرانة، رشيد محمد رشيد، أحمد عز، وحتى مبارك نفسه ونجلاه وزوجته..). 
وقتها كان يبدو أن الغرض هو الإيحاء للناس بنجاح هدفهم. غالبية تلك البلاغات، وتحفظ النيابة العامة على أموال المبلَّغ عنهم قبل قراءة الملف.. حفظت دون تحقيق في أدراج النيابة العامة أو حتى انتهت ببراءة الكثيرين من التهم المبلغ عنها. ولكن، وكما كانت تلك البلاغات التي قدمها مواطنون متضررون من الفساد عقب تنحي مبارك عام2011، حلاً سحرياً لتهدئة الجماهير الغاضبة وطمأنتها ووعدها بمستوى اجتماعي أفضل، بعد المبالغات في مد الصحف وقتها ببيانات مغلوطة عن حجم ثروات مبارك ونجليه ورجاله، ونصيب كل مواطن منها بعد استرجاع النظام الجديد لها.. فها هو الوقت قد حان: يُصدر الرئيس قرارا بقانون بتعديل قانون الكسب غير المشروع في آب/ 23 أغسطس الماضي، بما يضمن التصالح في جرائم التعدي على المال العام مقابل تسوية مالية تبرمها الحكومة، ممثلة بوزارة العدل، مع المختلس أو المهدر أو المتعدي على المال العام. وبعد إقرار هذا القانون، يقلِّب النائب العام في دفاتره القديمة ويفتح الأدراج ليخرج منها باقي بلاغات عام2011 . وبغض النظر عن فحوى تلك البلاغات، ووجود أدلة وقرائن تثبت صحتها أو بطلانها، يصدر النائب العام قراراته سواء بالتحفظ على الأموال أو المنع من السفر، لتبدأ بعدها جولة للمبلَّغ ضدهم أمام محكمة الجنايات، التي عادة ما تؤيد قرارات النائب العام بالتحفظ على الأموال، ثم تبدأ دوامة النظر في القضايا وتأجيلها والحكم فيها، ثم الطعن بالحكم ثم إعادة المحاكمة، وهكذا. وبالتالي،  الحل السهل هو اللجوء إلى التسوية المالية تطبيقا للمثل الشعبي "هين قرشك ولا تهين نفسك"، وهو ما يجلب على الخزانة العامة ملايين الجنيهات، ويوفر للحكومة سيولة نقدية تعينها على أزماتها ولو بشكل مؤقت.

ما الذي يُحرِّك النائب العام؟

ما هو مدى قانونية تعامل النائب العام مع البلاغات؟ ما الذي يجعله يحقق في بلاغ بمجرد تقديمه إليه أو حتى يحركه من تلقاء نفسه، وما الذي يجعله يحفظ آخر في درج مكتبه ولا يباشر أي تحقيق فيه من الأساس؟
الحقيقة أنّ القوانين المنظِّمة لسلطات النيابة العامة وصلاحياتها لم تضع أي ضوابط للنيابة العامة. الأمر كله مرتبط بالرأي العام. فالقضايا التي تحظى باهتمام جماهيري هي وحدها التي تفرض نفسها. أما السؤال الآخر والأهم، فيتعلق بآلية استعادة الدولة للأموال التي ترى أن المسئولين أو رجال الأعمال استولوا عليها. فلماذا تلجأ الدولة إلى التّسوية المالية بدلا من إعمال حق التقاضي وإعلاء مبدأ الثواب والعقاب بمعاقبة المخطئ وإلزامه بدفع الأموال التي استولى عليها أو تحصَّل عليها بشكل مخالف للقانون، وذلك بموجب حكم قضائي يصدر على لسان قاضٍ وليس قراراً من أحد أعضاء السلطة التنفيذية.
يبدو الأمر محيّراً، خاصة وأن الحكومة التي تعهدت بمحاسبة الفاسدين وأجبرت وزير الزراعة على الاستقالة لوجود دلائل على تورطه في قضايا فساد، واستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة، لم 

للكاتب نفسه

القضاء على ما تبقى من الدستور في مصر

رنا ممدوح 2017-05-29

قام الرئيس السيسي بالتصديق على قانون الهيئات القضائية الذي سيسمح له بالتحكم بمنصات محاكم القضاء العليا. فهل يواجه القضاة تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وغيرها من مؤسسات الدولة؟

السيسي ونهرو لا يلتقيان!

رنا ممدوح 2016-07-15

عندما ترأس نهرو حكومة الهند، في العام 1947، كان قراره الأول تخصيص ثلث ميزانية الدولة للبحث العلمي، وقتها عارض الهنود قراره، واتهموه بالجنون، واعتبروا أن بلداً فقيراً مثل الهند لا...