"ما يُعرف".. عن الملثم الفلسطيني

حصيلة الذاكرة والتجريب في ماهية المقاوِم الفلسطيني هي ما يمكن إطلاقه على "ما يُعرف"، معرض الفنان الفلسطيني منذر جوابرة الذي افتتح في العاصمة المغربية الرباط في غاليري "دار الفنون" والمستمر لغاية 26 تموز/ يوليو. الفنان البصري الذي ولد في مخيم العروب في بيت لحم، تناول تقاطعات ماهية المقاوم وكوفيته الفلسطينية مع مفاهيم الإرهاب، كما قارنها وربطها بزمن التحولات السياسية الحاصلة
2015-07-02

وصال الشيخ

صحافية من المغرب


شارك

حصيلة الذاكرة والتجريب في ماهية المقاوِم الفلسطيني هي ما يمكن إطلاقه على "ما يُعرف"، معرض الفنان الفلسطيني منذر جوابرة الذي افتتح في العاصمة المغربية الرباط في غاليري "دار الفنون" والمستمر لغاية 26 تموز/ يوليو. الفنان البصري الذي ولد في مخيم العروب في بيت لحم، تناول تقاطعات ماهية المقاوم وكوفيته الفلسطينية مع مفاهيم الإرهاب، كما قارنها وربطها بزمن التحولات السياسية الحاصلة على الساحة الفلسطينية، ما قبل اتفاقية أوسلو وبعدها، وما خلفته تلك الاتفاقية من تدمير للحلم الفلسطيني الذي بدأ مشروعه الثوري منطلِقاً من تحرير فلسطين وعودة اللاجئين، وتحول الى فوضى ضاعت فيها مركزية القضية الفلسطينية.
في معرضه، يقدم جوابرة مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية تجاوزت المئة قطعة، ما بين الأحجام الكبيرة والصغيرة، قدمها بتقنيات مختلفة، منها الفيديو والطباعة الرقمية والتركيب، واللوحات، وتمثلت فيها المواضيع بتتبع وتحليل حالة الملثم بداية من عمله "حجر 2009" الذي انطلق في فلسطين، مروراً بأعماله الحية والتفاعلية في ألمانيا (بمدينتي برلين وكولون)، مروراً ببعض أعمال "ما كان يُعرف" الذي أنتجه وعرضه عام 2012، إلى مشروع الملثم "وهم" 2013، ومشروع "ديكور" 2014.
عن "ما كان يُعرف" يقول: "في عصر السلم والمعاصرة تغيرت العديد من المفاهيم السياسية والنضالية، وتحول المقاوم من شخص يحمل مشروعاً وطنيّاً إلى كائن مرتد وعاجز وغير قادر على الاندماج فكرياً بالتغيرات التي حدثت"، حيث رصد الفنان حالة الشارع في الاستفسار عن شخصية "الملثم" الغائب الذي لم يعد معروفاً.
يعتبرمشروع "مواطنة" أهم أعمال جوابرة الجديدة، ويتحدث فيه عن تحولات المقاوم لمشروع سلطة يُمارَس من خلالها العنف والاضطهاد، متجاوزاً ومتجاهلاً الإرث والارتباط التاريخي مع الشعب في حمايته أثناء المقاومة واستقباله أثناء عودته. يقول جوابرة عن هذا المشروع إن "الفصل بين ماهية المقاوم والعسكري هي مسألة تشبه حالة الانفصام والمرض النفسي التي تكرس مفهوم الخلل. وهي حالة تنعكس على الخلل الإداري والقيادي في خلق هزيمة داخلية لكلا الطرفين، وتفكك الثقة بينهما"، متابعاً
"يمكننا مشاهدة ذلك من خلال الانقسام الحاصل بين الأحزاب السياسية منذ 2007 الذي خلّف فصل الضفة عن غزة، وأيضاً عن محيطهما الخارجي".
العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014 وجدناه حاضراً بقوة في مشاريع جوابرة. ففي "آخر صورة"، قدم توثيقاً لصور وأسماء أطفال غزة الشهداء. وعن هذا، أفاد بأن "عدد الشهداء الأطفال في العدوان الأخير على غزة أكثر من 425، وتعامل الإعلام المحلي والدولي معهم كأرقام من دون ذكر أسمائهم وصورهم. وما قمت به كفنان هو تجميع وتوثيق صور الشهداء خلال ستة شهور بعملية بحث مطولة. إلاّ أنني حصلت على 71 صورة فقط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الأصدقاء الذين وفروا هذه الصور من غزة".
أما مشروع "المدينة في مواجهة البحر"، العمل المعماري، فيعيد فيه الفنان إعمار غزة بطريقة ساخرة، من خلال بناء البيوت والعمارات الحديثة على مخلفات البيوت المدمرة. وهو يشير بذلك إلى كثرة الحروب التي تعرض لها القطاع، وما أن "يصلح الفلسطيني بيته، يعود ليهدم، وكذلك طبيعة التعامل مع العمارة في فلسطين، بحيث أنها تلغي تاريخها وتقوم بتدمير ذاتي للذاكرة. وعليه يجب استخدام آثار الدمار في العمارة الحديثة بشكل وظيفي، بحيث تبقى شاهداً معمارياً وبصرياً تاريخياً على ما حدث في غزة". في بعض أعماله، يقوم الفنان، من خلال التسلسل والتوثيق عبر خمس سنوات، برصد الواقع السياسي الفلسطيني ونقده. وفي أعمال أخرى، يقدم نظرة ساخرة تجاه الأحداث: "لم أجزم بأن الفن يصنع النهايات السعيدة لأحلام الشعوب المضطهدة، لكني أعتقد وأؤمن بمساهمة الخطاب الفني كأداة فاعلة في الحفاظ على ذلك الحلم وبقائه على قيد الحياة".