الخرطوم: ماذا في الكوشة؟

أواخر شباط/ فبراير الماضي، احتضنت مدينة الخرطوم بازاراً من نوعٍ جديد على أهلها كان عنوانه "أسرار الكوشة". والكوشة بالعامية السودانية هي مكبّ النفايات، أما الأسرار فهي الاحتمالات التي يمكن الوصول إليها إذا أُخذ ما في المكبات وأعيد تدويره. المشاركون الـ30 في البازار قدّموا للزوار أدواتٍ منزلية وأعمالاً فنّيّة مصنوعة حصراً من القمامة. الهدف الأساسي لهذه المبادرة التي قامت بها خمس مؤسسات
2016-04-07

شارك
من بازار "أسرار الكوشة" تصوير: ميسون مطر

أواخر شباط/ فبراير الماضي، احتضنت مدينة الخرطوم بازاراً من نوعٍ جديد على أهلها كان عنوانه "أسرار الكوشة". والكوشة بالعامية السودانية هي مكبّ النفايات، أما الأسرار فهي الاحتمالات التي يمكن الوصول إليها إذا أُخذ ما في المكبات وأعيد تدويره. المشاركون الـ30 في البازار قدّموا للزوار أدواتٍ منزلية وأعمالاً فنّيّة مصنوعة حصراً من القمامة. الهدف الأساسي لهذه المبادرة التي قامت بها خمس مؤسسات في مقدمتها "جمعية فاندورا للفنون"، كان توعية سكان الخرطوم إلى أهمية إعادة التدوير وعوائده على البيئة ومحاولة إيجاد حلول لأزمة نفايات متفاقمة تشبه تلك التي تجتاح عواصم أخرى في المنطقة العربيّة.
يسكن ولاية الخرطوم 8 ملايين نسمة ويزورها بشكلٍ دائم زوّارٌ من جميع أنحاء السودان نظراً لاحتضان العاصمة المؤسسات الحكوميّة. يصدر عن نشاط هذا العدد من البشر يوميا 4200 طن من النفايات، 60 في المئة منها تُلقى في غير أماكنها المخصصة، بينما تشير دراسات إلى أنّ 60 في المئة من هذه النفايات يمكن تجنب تراكمها في الشوارع لو أنّ مبدأ الحفاظ على البيئة كان في اعتبار السكان، ولو أنّ جمال مدينتهم، وبالأساس صحتهم، كان لها الأولويّة لديهم. فالأزمة تتعاظم والحكومة لا تؤدّي واجبها طبعاً، إذ إنّ عدد شاحنات نقل القمامة في الولاية يبلغ 97 شاحنة بينما عددها في مجمل السودان 500.. نصفها معطّل. هذه الشاحنات لا تنقل القمامة إلى مطامر صديقة للبيئة، وهي قليلة، إذ تحتاج الخرطوم وحدها 180 منها للتعامل مع الكمّ الهائل من القمامة المنتجة يوميّاً. هناك أيضاً أن أجور عاملي النّظافة متدنّية جدّاً مما يضطرهم إلى قضاء جزء من وقت دوامهم في فرز النفايات التي يجمعونها بهدف بيعها إلى معامل إعادة التصنيع التقليدية الّتي تتعامل مع المصانع الكبرى بغياب نظام لإعادة التدوير تتبناه الدولة. هؤلاء العمّال لا يعطون ما يستحقّونه مادّياً، وفوق ذلك تبقى النظرة إليهم دونيّة لتعاملهم مع القذارة. القذارة التي ينتجها من يحتقرونهم! في اليابان، يحصل عامل النظافة على أجر شهري يصل إلى 9000 دولار ويحظر القانون تشغيل غير اليابانيين في هذا القطاع. لن تكون الخرطوم مثل طوكيو بين ليلة وضحاها، لكنّ هناك خطوات يمكن القيام بها للوصول إلى حلّ نهائيّ للأزمات، ولعلّ بازار "أسرار الكوشة" يكون أحد هذه الخطوات. المشاركون في البازار، ومعظمهم نساء (طبعاًّ!)، لم يبيعوا كثيراً من منتجاتهم، لكنّهم قالوا شيئاً للناس عن الممكن. وجود أناسٍ كهؤلاء ضروريّ وهم سيعودون العام المقبل بأفكار جديدة. هكذا هم الحالمون!

للكاتب نفسه

الفلسطينيون في لبنان وحقّ العمل

ربيع مصطفى 2019-07-21

علاوة على التوظيف السياسوي الطائفي على المستوى الداخلي، يأتي المس بحق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان متزامناً مع محاولات جاريد كوشنر تفعيل "صفقة القرن"، وهي التي تصطدم بعقبات من أهمها...