أطفال سوريا.. الجريمة الكبرى

لم يعد أي خبر في الأزمة السورية، مهما كانت فداحته، قادراً على إحداث صدمة أو تأثير. بعد أربع سنوات على اندلاع تلك الانتفاضة، بات الحدث برمته يختصر بالأرقام: 30 قتيلاً خلال قصف قوات النظام.. الدولة الإسلامية تعدم أكثر من 40 جندياً بعد السيطرة على.. الخ الخ... عدَّاد يصلح تتبعه أو الاستناد عليه كمؤشر على الكارثة التي ستحكم المجتمع السوري، أو «مجتمعاته» حين تسكت أفواه

لم يعد أي خبر في الأزمة السورية، مهما كانت فداحته، قادراً على إحداث صدمة أو تأثير. بعد أربع سنوات على اندلاع تلك الانتفاضة، بات الحدث برمته يختصر بالأرقام: 30 قتيلاً خلال قصف قوات النظام.. الدولة الإسلامية تعدم أكثر من 40 جندياً بعد السيطرة على.. الخ الخ... عدَّاد يصلح تتبعه أو الاستناد عليه كمؤشر على الكارثة التي ستحكم المجتمع السوري، أو «مجتمعاته» حين تسكت أفواه المدافع والبنادق.
من بين هذه الأرقام، أعداد الأطفال السوريين الذين باتوا خارج المدارس منذ بدء «الأحداث» في البلاد. منظمة «أنقذوا الأطفال» العالمية نشرت تقريراً الأسبوع الفائت خلص إلى وجود ثلاثة ملايين طفل سوري داخل الأراضي السورية لا يستطيعون الالتحاق بمدارسهم، من أصل 6.4 مليون نازح سوري داخل البلاد. فقد دمرت أو تضررت حوالي 3465 مدرسة، يضاف إلى هذا العدد أكثر من 1000 مدرسة تستخدم الآن كملاجئ. أما بالنسبة للاجئين خارج البلاد، فيشرح التقرير أن نسبة الأطفال الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بمدارسهم في إقليم كردستان مثلاً هي 90 في المئة، وفي تركيا 84 في المئة، وفي لبنان 80 في المئة.
سوريا التي كانت تتميز بنسبة تعليم تناهز 100 في المئة قبل «الاحداث»، هبط معدل التسجيل المدرسي اليوم في مناطق منها كحمص وإدلب إلى حوالي 50 في المئة، في حين وصلت نسبة التسجيل في المدارس في حلب إلى حوالي 6 في المئة فقط، بحسب التقرير.
والمقارنة تدفع البعض للقول «ألم تكن الأمور بألف خير؟». وقد تصح المقولة في حال جردت من أي سياق آخر واستندت على هذه الأرقام فقط. لكن نسبة الإنفاق على التعليم في سوريا قبل اندلاع «الأحداث» تظهر مناقضتها للواقع وتعيد الى السياق أهميته: قبل «الأحداث»، كانت نسبة الإنفاق على التعليم في سوريا لا تتجاوز 5 في المئة من نسبة الإنفاق العام. وإذا لم تخدم هذه النسبة كدليل على أن سوريا لم تكن بالضرورة «بألف خير»، فالأسباب التي خلص إليها تقرير المنظمة عما يمنع الأطفال من الالتحاق بالمدارس قد توضح المشهد أكثر. فبالإضافة الى الأسباب المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالحرب الدائرة، يخلص التقرير الى أن نسبة كبيرة من الأطفال النازحين داخل سوريا نفسها، غير قادرين على الالتحاق بالمدارس المسيطر عليها من النظام، بسبب رفض إداراتها استقبالهم لعدم تقديمهم أوراقاً رسمية من الدوائر المعنية في المناطق التي نزحوا منها، تثبت مستواهم العلمي. الذريعة هذه استخدمت أيضاً في بلدان اللجوء لرفض استقبال الطلاب النازحين. وفي حال تمكن أهل هؤلاء الأطفال من اجتياز كل العقبات التعجيزية، يختار بعضهم الامتناع عن إرسال أولادهم إلى المدارس خوفاً من انكشاف وجودهم غير القانوني في البلد لدى تسجيل أبنائهم، بحكم ضرورة إثبات «شرعية وجودهم» مع طلبات الانتساب، بينما تحول الكلفة العالية دون الحصول على إقامة أو تجديدها كحال مصر ولبنان.
ثمة جريمة ترتكب بحق السوريين، جريمة «بيضاء»، لا تُستخدم فيها البنادق والصواريخ والبراميل المتفجرة أو السكاكين. ثمة جريمة ترتكب بحق الملايين من أطفال سوريا... جريمة يحرص الجميع على المشاركة فيها.

للكاتب نفسه

زينب مهدي.. الانتحار احتجاجاً

انتحرت الناشطة المصرية زينب مهدي. علقت مشنقتها في مسكنها ومضت، خلافاً لحالات الانتحار العلنية التي غالباً ما تحصل في مصر. استبقت ذلك بتعليق فايسبوكي ثم اغلقت حسابها. التعليق يقول «تعبت،...

نمر النمر أكثر من «رجل دين شيعي»

الشيخ المعارض نمر النمر كرر على المنابر ضرورة الالتزام بسلمية التظاهر، وشدّد على نزع أي بُعدٍ مذهبي عن المطالب المحقة لسكان المناطق الشرقية في السعودية، وعلى ضرورة إعطائهم بعضاً من...

نبيل رجب لا يتعظ

«كثر من البحرينيين الذين التحقوا بصفوف الإرهاب وتنظيم داعش أتوا من المؤسسات الأمينة التي كانت الحاضنة الإيديولوجية الأولى لهم». نشر نبيل رجب هذه التغريدة. لم يكشف سوى ما هو معروف...