مهرجان نواكشوط للسينما: قضايا التطرف هي الضيف الأبرز

مرّ مهرجان نواكشوط للفيلم القصير هذا العام بدول وتجارب وثقافات عديدة. وهو اختتم مع نهاية الشهر الفائت بعدما استضاف مشارَكات من تونس والمغرب ومصر والجزائر وبريطانيا وليبيا والأردن وكردستان العراق وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، بالإضافة إلى اليابان التي تحل ضيف شرف نسخته التاسعة هذه. وتَنَافَسَ على جوائزه 45 فيلما، ففاز الفيلم المغربي "زلاجة" للمخرج ياسين الإدريسي بالجائزة الكبرى في
2014-11-12

أحمد ولد جدو

كاتب ومدون من موريتانيا


شارك
أثناء تسيلم الجائزة الكبرى في المسابقة الوطنية للمخرج الشاب شفيق بابا

مرّ مهرجان نواكشوط للفيلم القصير هذا العام بدول وتجارب وثقافات عديدة. وهو اختتم مع نهاية الشهر الفائت بعدما استضاف مشارَكات من تونس والمغرب ومصر والجزائر وبريطانيا وليبيا والأردن وكردستان العراق وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، بالإضافة إلى اليابان التي تحل ضيف شرف نسخته التاسعة هذه. وتَنَافَسَ على جوائزه 45 فيلما، ففاز الفيلم المغربي "زلاجة" للمخرج ياسين الإدريسي بالجائزة الكبرى في المسابقة الدولية، وفيلم "واحد منا" للمخرج الموريتاني الشاب شفيع بابا بالجائزة الكبرى في المسابقة الوطنية وفيلم "خريف" للمخرجة الشابة نبغوه منت زيدان في مسابقة أفلام الورش. وقد تخللت المهرجانَ عروضٌ لبعض الأفلام الطويلة منها الروائي والوثائقي، وأشرف وفد من الفنانين المصريين بالإضافة إلى مخرج فرنسي على تدريب الشباب الموريتاني المشارك في ورش المهرجان الذي استمر لأربعة أيام.
 

التطرف وهموم الشباب

طغت مواضيع التطرف والإرهاب وهموم الشباب على الأفلام المعروضة في المهرجان، فحاول مخرج الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية، شفيع بابا، أن ينتقد بأسلوب رمزي الخطاب التكفيري الصاعد في المجتمع: "حاولت من خلال قصة شاب موريتاني عادي يمر ككل أقرانه بحالة صراع داخلي، أن أقدم صورة للتكفيريين الذين تزايدوا في الآونة الأخيرة، وأن ألمح إلى سكوت المواطن التقليدي غير المبرر عنهم ورضوخه لهم وذلك عبر فكرة تعتمد على الرمزية في الحوار والتمثيل". أما المخرج سيد أحمد محمد مخرج فيلم "متاهة"، فقدم تجربته الشخصية مع الحركات المتطرفة وتحدث عن قصة اتصاله بهم عن طريق الانترنت وكيف كان عنصرا فعالا في مجتمعهم على الانترنت : "حاولت من خلال قصة شاب مهووس بالإنترنت رمته الأقدار في الفقر والمعاناة والتهميش، فحاول البعض استغلاله. وأردت من خلال الفيلم أن أبين دور التربية والتوجيه وأهمية وجود الأب في حياة أي شاب، فبغيابه يكون أكثر عرضة لمثل هذه المخاطر"، وأضاف: "لقد حاولت أن يبث فيلمي روح التفاؤل ويثبت أنه يمكن تحقيق ولادة حياة جديدة بعد تجربة طويلة مع التيه والمتاهات، وأن من حق البسطاء أن تناطح أحلامهم السحاب". وعرض كذلك فيلم "تمبكتو" للمخرج الموريتاني العالمي عبد الرحمن سيساغو، ويحكي قصة معاناة سكان تلك المدينة بعد سيطرة الجماعات المتطرفة عليها ومحاولتها فرض نظرتها، وقد قدم الفيلم ضمن باقة مختارة من الأفلام الطويلة، وهو سبق له أن شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" العالمي، وقد لوحظ تفاعل الجمهور مع الأفلام التي تناقش قضايا التطرف. كما حضرت قضية الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر فيلم "هجرة الموت" للمخرج الشاب يعقوب سيدي المختار.
 

ولحقوق الإنسان مكان في المهرجان!

حضرت في المهرجان أفلام تحمل الطابع الحقوقي وكان أهمها فيلم "تاء مربوطة" للمخرج الأردني إيهاب الخطيب الذي يتحدث عن قضية الهوية في الأردن وعن معاناة الأردنيات لعدم قدرتهن على منح أولادهن الجنسية، وذلك في قالب فني بديع يتبنى شكلا جديدا للفيلم الوثائقي يعتمد على فكرة الفوتوغرافيا. وهو قال عن فيلمه: "عندما تصبح الهوية قاتلة، تقتل من يلدها، هنا يكمن الخطر. فالإنسان عادة يميز باسم أمه". لم يشارك الفيلم في مسابقات المهرجان لكن أتى ضمن باقة أفلام الدورة التجريبية لمهرجان "كرامة" لأفلام حقوق الإنسان. وعرض أيضا فيلم يحمل عنوان "الطريق إلى غوانتانامو"، وهو محاولة وثائقية تسرد قصة أحمد ولد عبد العزيز ومحمد ولد صلاحي، المعتقلين الموريتانيين، وتخللته شهادات لأهلهما ولبعض الشخصيات الحقوقية التي تطالب بالإفراج عنهما. كما حوى الفيلم شهادة للمواطن الموريتاني سيدي أمين الذي كان معتقلا في ذلك المكان السيئ الذكر، وهو أوضح سوء المعاملة التي يحظى بها نزلاء السجن، وتم عرضه بحضور السفير الأميركي بموريتانيا ووسط تشجيع وتضامن من قبل الحضور.
 

عن الصعوبات

ظهرت الأفلام الموريتانيةفي حالة من البهوت والضعف من جميع النواحي، خاصة لجهة السيناريو والنصوص والأفكار التي كانت ضعيفة البناء وفي مراحل من البدائية، وهو ما يرجع إلى عدم وجود معاهد ولا كليات لتدريس هذا الفن، وكذلك لعدم توفر الدعم المالي من قبل الدولة أوالقطاع الخاص. وقد ثبت أن الرغبة والغواية لا تكفيان وحدهما.
وعلى الرغم من ذلك، رأى المخرج المصري أسامة غريب الذي كان ضمن لجنة تحكيم مسابقة أفلام الورش في المهرجان أملا في بعض التجارب التي صادفته: " وجدت تجارب تستحق المزيد من الرعاية والاهتمام، لأنها، ومن وجهة نظري، قد تكون سببا في إحداث نقلة نوعية في السينما الموريتانية في القريب العاجل. وبالفعل نسعى جاهدين مع القيادات الثقافية الموريتانية في الفترة المقبلة للتعاون لتوفير أهم ما يحتاج إليه هؤلاء الشباب الواعد".
المهرجان نفسه منظم بجهود ذاتية مع دعم ضئيل من قبل بعض الهيئات الخارجية والمحلية، وهي عملية مضنية ومرهقة. وقد أكد مدير المهرجان محمد ولد إدومو في كلمة الافتتاح أن هدف المهرجان هو خلق ثقافة سينمائية في موريتانيا بعد أن جرت في السنوات الماضية محاولات لخلق عداوة بين الشعب الموريتاني والصورة السينمائية.

 

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه