ما الذي يهم السعوديين؟

قالت المملكة إن الأمر إنجاز، أن تنتخب النساء وتترشحن، أن تفوز سعوديات في مكة والإحساء والقطيف، ويدخلن العمل البلدي. يتحدث الجميع عن الإنجاز السعودي الذي دخل التاريخ، لكن الإنجاز في الحقيقة هو أن تكون السعودية آخر بلد في العالم سمح للنساء بممارسة حقهن الطبيعي في اختيار ممثلين عنهن. كان يوما عاديا كأي يوم آخر في المملكة، لم يتخلَّ الناسُ عن دينهم، ولم تفقد النساءُ عذريتَهن، صحيح أنهن
2015-12-17

نورة بنت عفش

باحثة اجتماعية من السعودية


شارك
أحمد يسري - السعودية

قالت المملكة إن الأمر إنجاز، أن تنتخب النساء وتترشحن، أن تفوز سعوديات في مكة والإحساء والقطيف، ويدخلن العمل البلدي. يتحدث الجميع عن الإنجاز السعودي الذي دخل التاريخ، لكن الإنجاز في الحقيقة هو أن تكون السعودية آخر بلد في العالم سمح للنساء بممارسة حقهن الطبيعي في اختيار ممثلين عنهن.
كان يوما عاديا كأي يوم آخر في المملكة، لم يتخلَّ الناسُ عن دينهم، ولم تفقد النساءُ عذريتَهن، صحيح أنهن تصورن كثيرا وهن يُسقطن الورقة في صندوق الاقتراع، لكن هذا طبع السعوديات، يتصورن إذا ما ارتدين عباءة ملونة، وإذا ما فكرن بقيادة السيارة، وإذا ما تناولن قهوتهن الصباحية.
لم يكن الإقبال على الانتخابات البلدية التي يسوّق لها منذ أشهر عديدة بوصفها الفاصل بين الصمت والصوت، قويّاً. ولم تؤثر اللوحات الإعلانية في تحفيز السعوديين على المشاركة بالرغم من تخفيض سن الاقتراع إلى 18 عاماً واعتبار العملية الانتخابية حدثا مفصليا سيجلب الكثير من التغييرات. لكن السعوديين يؤمنون بمحدودية الانتخابات، وبغياب قدرتها على إحداث أي خرق في النظام الحاكم في المملكة، وعلى فقدانها لصلاحيات يمكن أن تؤثر في الأزمات التي يعاني منها مواطنو البلاد، كأزمة السكن مثلاً.
حتى بين النساء اللواتي ينتخبن ويترشحن للمرة الأولى، عُدَّ الإقبال ضعيفا. تحدث مراسلون عن ناخب كل نصف ساعة يدخل مركز الاقتراع ليدلو بصوته، تحدثوا أيضا عن مراكز شبه خالية من مقترعين بالأخص تلك المخصصة للرجال، على الرغم من تقدم ما يزيد عن خمسة آلاف مرشح مقابل 978 امرأة دخلت السباق الانتخابي.
وفي اليوم الذي كانت النساء يدخلن التاريخ بحسب المملكة، ويسجّلن أول عملية اقتراع كمنتخبات ومرشحات، كان بعض المحتسبين يغزون معرض الكتاب الدولي في جدة، ويتجهون بالضبط إلى أمسية شعرية تتلو فيها شاعرة سعودية قصيدة. الهجوم مدروس لإفشال الأمسية، حيث أراد المطاوعان إحداث جلبة، صرخ أحدهم في الحضور "أيرضيكم هذا أن تسمعوا صوت فتنة يصدح في القاعة؟"، "عيب يا بنتي أن تقفي أمام الرجال"، وكان الجواب صاعقا: نعم يرضينا. وأخرج المنظمون المناصحين خارج القاعة!
حتى قبل الانتخابات، قام شبان بتمزيق لوحات تحمل أسماء مرشحات مع ترداد عبارات: "ما عندنا حريم يترشحون". ربما أثر هذا الفيديو على امرأة صرّحت لوسائل الإعلام بأنها تتمنى لو تفوز إمرأة بمقعد.. لكنها انتخبت رجلا. تحققت أمنية المرأة وفازت امرأة أخرى - كانت استعانت بسائقها ليوصلها إلى مركز الاقتراع - بمقعد بلدي عن دائرة مكة.
لكن الخوف يبقى من تحوّل النساء إلى "برستيج" اجتماعي تحتاجه المملكة لإثبات اعتدالها، تماما مثلما حدث يوم دخلت النساء مجلس الشورى، حيث حرص الجميع وتكاتفوا لإبقائهن تحت سيطرة قواعد المجتمع التي لا تُخرق، كمنع الاختلاط مثلا.
وحتى في الانتخابات الأخيرة، واجهت النساء العديد من العوائق، كفرض غرامة مالية في حال ثبتت مخالفتهن لقوانين الفصل بين الجنسين في المملكة. عُزلت المرشحات وحُصر تأثيرهن على فئة ينتمين إليها بمباركة من الهيئة الدينية التي لخصت المعادلة بالنساء ينتخبن النساء والرجال للرجال.
يراقب السعوديون ما يجري على الساحة من بعيد، ربما من خلف جهاز إلكتروني أو هاتف، لا فرق. يزهدون بالاهتمام بالأحداث الدائرة. لا حرب ولا انتخابات. يزهد السعوديون بأخبار بلادهم، لا يسألون لماذا تتزايد الرؤوس العالقة بالحبال، ولماذا لا تتوقف عمليات عسكرية تجفف منابع الأموال..
قد ينشغلون بعالم الفضائح أو بوسم على تويتر. يهمهم إبداء موقف مؤيد أو معارض في أي قضية، وأما الفعل فمؤجل.

للكاتب نفسه

مزاح الذكور في السعودية

المزحة كانت ثقيلة هذه المرّة، لم يستسغْها المشاهدون. ربما وضعوا نساءهم مكان الفتاة التي رُميت أرضاً. قالت الفتاة إنّ عدم تغطية وجْهها هو الذي دفع رجال الهيئة إلى ملاحقتها بطريقة...