هل حقا "تحيا مصر" ؟

العبارة يرددها الرئيس السيسي في كل مناسبة. يقولها مبتسماً هادئاً، في وطنٍ يعصف به الحزن والفوضى، بين ملاحقات أمنية لكل من اشتبه في أنه إخواني أو جار أو صديق لإخواني، وبين تراجع في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. مرّ عام على وصول السيسي الى الرئاسة ولم يتغير الكثير. موجات "الأمننة" مستمرة، وبات التعامل الأمني مع كل شيء هو المتصدر للحياة في البلاد، حيث يتم إلباسه بشكل ظاهر أو
2015-07-06

أحمد عبد العليم

كاتب وباحث سياسي من مصر


شارك
(من الانترنت)

العبارة يرددها الرئيس السيسي في كل مناسبة. يقولها مبتسماً هادئاً، في وطنٍ يعصف به الحزن والفوضى، بين ملاحقات أمنية لكل من اشتبه في أنه إخواني أو جار أو صديق لإخواني، وبين تراجع في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
مرّ عام على وصول السيسي الى الرئاسة ولم يتغير الكثير. موجات "الأمننة" مستمرة، وبات التعامل الأمني مع كل شيء هو المتصدر للحياة في البلاد، حيث يتم إلباسه بشكل ظاهر أو باطن لكل ما هو سياسي أو اجتماعي، سواء في التعاملات أو الخطابات الصادرة عن السلطة، لتصبح الأمننة هي الإجابة الجاهزة عن القصور أو التقصير، وليتم تعليق كل خيباتنا وهزائمنا في مصر عليها. وهكذا فالأمننة باتت أسلوب حياة وليس مجرد حدث عارض، فنحن دائما في خطر، وكل خطر قائم أو محتمل هو خطر وجودي، وكل مصري من الممكن أن يتعاطف مع اعتقال أو تعذيب شخص غير مذنب، هو خطر على الدولة والنظام.
لا يمكن إنكار وجود تهديدات كبيرة من جانب المجموعات الإرهابية في سيناء أو في محافظات أخرى، أو من جانب تيارات في الإخوان أعلنوا صراحةً أنهم سوف يلتجئون إلى العنف.
ولكن لا يمكن الارتماء في أحضان الأمننة على حساب الأنسنة، لأنه لا يمكن أن "تحيا مصر" فوق جثث المظلومين وآلام الأبرياء، ولا يمكن أن "تحيا مصر" بلا مصريين تُحتَرم إنسانيتهم، وهو حيز غير قابل للتأجيل بانتظار حل التحديات الأمنية.
في السجون المصرية، شباب شاركوا في الثورة وأطاحوا بنظام مبارك بل وكانوا أول مَن تصدر المشهد لإزاحة الإخوان عن الحكم. وبجوارهم شباب غير معروفين، مشتبه بهم، وعددهم غير قليل، كل شاب منهم، خلفه أسرة حزينة وأحلام مؤجلة. وكان الرئيس السيسي قد وعد منذ شهور بالإفراج عنهم طالما لم تثبت أي تهم ضدهم. ولكن حتى الآن لم ينفذ الرئيس وعده. ويقدر عدد المعتقلين بحسب منظمة العفو الدولية بحوالي 40 ألفاً ما بين تموز/يوليو 2013 إلى ايار/مايو 2014. وتوفي 80 معتقلا بالحجوزات، وهو ما يؤكده تقرير "هيومان رايتس ووتش" الأخير، قائلا إن مصر تعيش في ظل أجواء يُخيم عليها تراجع في الحقوق والحريّات، وأن المعتقلين يتعرضون للضرب حتى الموت في زنازين الشرطة والسجون المكتظة بشدة، بخلاف حالات وفاة أخرى لمعتقلين داخل السجون يقدر عددها بأكثر من مئة، بالإضافة إلى انتشار الخطف والاختفاء/ الإخفاء لعدد كبير من الشباب واستمرار عدم معرفة أماكن احتجاز واعتقال بعضهم ، وهو ما يضرب بالدستور المصري عرض الحائط.
سبق للإخوان أن عرفوا معاملة في غاية القسوة فيما مضى، ولكن هل أدى ذلك الى القضاء عليهم؟.. بل ووصل واحد منهم إلى قمة السُلطة في مصر، وحازوا أغلبية برلمانية. أي أن الاجتثاث لم يسبق له أن كان فعالا بما يخص الظواهر السياسية، بل أن التعامل الأمني حين يكون فظًا غليظًا غير آدمي، قد يؤدي إلى نتائج عكسية، ككسب مساحات من التعاطف.
لا بد أن يكون تعامل الدولة مع الإخوان تعاملاً شاملاً، يواجه العنف بالقوة، ويواجه الفكرة بالمنطق السديد، ويواجه الحضور السياسي والممارسات المدانة بأمل في قلوب المصريين فيشعرون حقًا أنه "تحيا مصر"!
بعد عام من حكم السيسي، ما زالت الأوضاع الأمنية مصطخبة، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعيدة عن الحدّ المأمول الذي بشّر به الرئيس في أول حكمه، فانخفضت شعبية الرئيس وتراجعت الهمم، وبات البعض يشعر بأننا نعيش أيام مبارك بامتياز. وأنه لا جديد سوى بعض الوجوه..

 

للكاتب نفسه

المرأة المصرية واعظة بالمسجد

قررت وزارة الأوقاف تعيين 144 امرأة واعظات في المساجد كجزء من "تجديد الخطاب الديني" الذي دعا اليه الرئيس السيسي. المبادرة تبدو شكلية بالنظر للاشتراطات المصاحبة لها ولوجود  110 آلاف مسجد...