العطش يهدد موريتانيا والدولة تصرف المليارات على الماء

يكثر بائعو المياه في الأحياء الفقيرة من العاصمة الموريتانية بسبب الحر الشديد وضعف إمدادات المياه. في حيي بوحديدة وتل الزعتر الفقيرين شرقي نواكشوط، عربات تجرها الحمير. ويبلغ سعر برميل الماء الصالح للشرب في حي بوحديدة ما يناهز سبعة دولارات في وقت لم يكن السعر ليتجاوز الدولارين خلال الأسابيع الماضية. يرى المسؤولون الحكوميون أن توفير الماء في العاصمة لم يعد مشكلة كبيرة بعدما استفاد البلد من
2015-06-11

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك

يكثر بائعو المياه في الأحياء الفقيرة من العاصمة الموريتانية بسبب الحر الشديد وضعف إمدادات المياه. في حيي بوحديدة وتل الزعتر الفقيرين شرقي نواكشوط، عربات تجرها الحمير. ويبلغ سعر برميل الماء الصالح للشرب في حي بوحديدة ما يناهز سبعة دولارات في وقت لم يكن السعر ليتجاوز الدولارين خلال الأسابيع الماضية.
يرى المسؤولون الحكوميون أن توفير الماء في العاصمة لم يعد مشكلة كبيرة بعدما استفاد البلد من إطلاق مشروع آفطوط الساحلي الذي تبلغ كلفته نصف مليار دولار ويغذي العاصمة بالماء عبر انانيب قادمة من النهر على طول 170كلم. ويؤكدون ان المشكل يتطلب بعض الوقت فحسب لأن ضخ المياه بدأ بالفعل باتجاه بعض احياء العاصمة، فيما تنتظر الاحياء الشعبية وصول المياه في غضون الأسابيع المقبلة. هناك إذاً أمل، ولا سيما أن الحر يستمر طيلة أشهر ستة. وهم على كل حال أفضل من سكان مناطق الداخل الذين ينظمون تظاهرات للمطالبة بتوفير الماء، وأغلق بعضهم في المحافظات الحدودية الطرق أمام الحافلات احتجاجا على العطش.
وبسبب هذه الاحتجاجات، دعا برلمانيون في نواكشوط الحكومة الى الاسراع بمجابهة الظاهرة، وحمل نائب رئيس البرلمان على كتفه رشا ودلوا، وهي وسائل استخراج المياه من الآبار، من أجل لفت الانتباه إلي العطش الذي يتهدد الموريتانيين في الداخل. ووفق تقارير صحافية، تعاني عشرات المدن من عطش مخيف. ففي مدينة اركيز حيث بحيرة صالحة للشرب يتظاهر السكان بلافتات مكتوب عليها عبارات من قبيل "جاور الماء تعطش"، وفي مدينة تمبدغة مسقط رأس رئيس الوزراء، تعيش المدينة انقطاعا شبه تام للمياه وقد ناشد السكان "حكومة ابنهم" بالتدخل لحل الأزمة.
كما استقبل سكان مدينة كيفه، ثالث اكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان الرئيس الذي جاء في زيارة إليها منذ بضعة أسابيع بحاويات المياه الفارغة التي كتبت عليها عبارة "الماء". وفي زيارات للمحافظات الزراعية الرعوية، أكدت وزيرة البيطرة التي كان برفقتها بعض وزراء المصالح الخدمية، اهمية الماء ضمن البرنامج الحكومي الهادف لتوفير الأعلاف والأدوية للسكان.
ومن المفارقات أن أزمة العطش انتقلت لأول مرة الى محافظتين لم تشهدا العطش منذ عشرات السنين. ففي عاصمة واحات النخيل التي تعاني من تراجع السياحة بسبب الارهاب، دفع العطش السكان الى استجلاب الصهاريج من محافظة انشيري المجاورة، وفي نواذيبو العاصمة الاقتصادية للبلاد، والتي يسكنها العديد من الاجانب العاملين في موريتانيا، انتشرت طوابير الحاويات متجمعة أمام الحنفيات في الشوارع الرئيسية.
ولا يجد سكان الأحياء الشعبية كثيرا من الاطمئنان للمياه التي توفر لهم عبر عربات تجرها الحمير بسبب ضعف النظافة. ويقول الأطباء إن هذه المياه التي يصفونها بالرديئة تهدد صحة السكان، حيث تتضاعف حالات الإسهال، لا سيما لدى الأطفال. كما تتضاعف مخاطر التسمم داخل احياء تل الزعتر وبوحديدة بسبب انعدام المياه وضعف النظافة. وأزمة العطش التي تعاني منها موريتانيا مستغربة بسبب الموارد المالية الكبيرة التي تنفقها الدولة على القطاع، ولوجود مصادر مياه كثيرة.    

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه