سباق حكومي ــ إخواني على إفطار فقراء موريتانيا

تنافس محموم بين موالاة تسعى لكسب ود الفقراء، باعتبار رئيسها يلقب بـ "رئيس الفقراء"، وإخوان يسعون إلى توظيف الإفطار لمصلحة شعبيتهم. وهو يصل الى ذروته في رمضان الجاري من خلال حفلات إفطار جماعي في العاصمة نواكشوط. وفي مشهد جديد، يقف فقراء أحياء الترحيل والفلوجة والبصرة وتل الزعتر وبو حديدة وسواها.. في انتظار أذان المغرب لتناول وجبات غذائية لم يألفوها في حيهم الفقير من قبل، لا في رمضان
2015-07-08

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
محمود عبيدي-العراق

تنافس محموم بين موالاة تسعى لكسب ود الفقراء، باعتبار رئيسها يلقب بـ "رئيس الفقراء"، وإخوان يسعون إلى توظيف الإفطار لمصلحة شعبيتهم. وهو يصل الى ذروته في رمضان الجاري من خلال حفلات إفطار جماعي في العاصمة نواكشوط. وفي مشهد جديد، يقف فقراء أحياء الترحيل والفلوجة والبصرة وتل الزعتر وبو حديدة وسواها.. في انتظار أذان المغرب لتناول وجبات غذائية لم يألفوها في حيهم الفقير من قبل، لا في رمضان ولا في غيره. ويتهافت الكثيرون الى المساجد وغالبيتهم لم يألفوا الموائد الممتدة داخلها، ولم يعتادوا منظر تجهيز مثل هذه الافطارات الجماعية.
في نواكشوط، لم يسبق للسلطات خلال العقود الماضية الاهتمام بموائد الإفطار التي أصبحت اليوم تخصص للمساجد التي تجاوز عددها مطلع العام الجاري ثمانية آلاف، والكتاتيب التي تناهز الثلاثة آلاف، وهي مؤسسات تصرف عليها الدولة اليوم المليارات ضمن عرف رسمي أخذ اليوم ذروته حيث أعطى الرئيس الموريتاني خلال إفطار رسمي حضره كبار رجال الدولة في القصر الرئاسي، إشارة الانطلاق لما تسميه وسائل الإعلام الحكومية "الإحياء الرمضاني".
ومباشرة بعد هذا، صار رئيس الحزب الحاكم ومعاونوه حريصين على تناول الإفطار مع الفقراء في مختلف الأحياء الشعبية. وهو شدد خلال المآدب على صلة حزبه بالفقراء، مؤكدا أنها لن تكون علاقات انتخابية محضة، وراح حزبه يوزع يوميا ما يربو على مئة وخمسين طنا من المياه والمواد الغذائية. لكن خصوم الحزب الحاكم من الإخوان الذين يتنافسون معه في استقطاب فقراء العاصمة، حملوا عليه بشدة.
ودفع التنافس الذي تغذيه وسائل إعلامية، نائب رئيس البرلمان إلى دعوة الرئيس للاستقالة متهما جهود حزبه بالفساد. في الوقت نفسه، يحرص الاخوان على تنظيم حفلات افطار جماعي، ويوظفون جمعيات وهيئات اهلية في ذلك، على الرغم من حرمانهم منذ العام الماضي من موارد مالية كبيرة بعد تجفيف منبع المال الاخواني باغلاق "منظمة المستقبل" التي كانت تنقل اموالاً طائلة من الدوحة واسطنبول. يوظف الاخوان اليوم منظمات من قبيل "جمعية شبيبة بناء الوطن" التي تنظم منذ حلول الشهر الكريم أنشطة تربوية متنوعة من بينها قراءات قرآنية ومحاضرات في أحكام الصيام بالإضافة إلى تأملات في ظلال القرآن، وتختم هذه النشاطات بإفطار جماعي.
لم يفوت الحزب الحاكم الفرصة لانتقاد الإخوان وذهب قيادي فيه للقول إن الإخوان "سماسرة للدين ينسجمون في هيكلهم مع أساليب مافيا خمسينيات القرن العشرين في نابولي، وهم خاوو المضمون".
واعتبر أنهم خطر على الإيمان والديموقراطية، وأن "تيار عولمة الإسلام السياسي الإمبريالي الاستعماري ولد من سفاح في البيوت المظلمة للشرطة السياسية للديكتاتورية البغيضة، وتسلَّق رواده غصون جنان اقتصاد الجريمة".
وقد انتقلت العدوى الى المحافظات الداخلية، لكن الحزب الحاكم وأحزاب الأغلبية مثلتهم القبائل في هذه المدن والقرى، حيث القبيلة هي الكل في الكل. ولا تتوانى القيادات العشائرية الموريتانية عن تقديم الغالي والنفيس لموائد الإفطار في توجه جديد هدفه الظاهر حسَنة في رمضان وعمل خير.. يتضاعف عند السلطان، "وما خفي أعظم"، يعلق أحد المعارضين.
وقد ساهم في إشعال التنافس على الإفطار الجماعي داخل موريتانيا أحد الكتاب إذ تساءل لماذا يقتصر إفطار الصائمين على مدينة نواكشوط دون غيرها، بينما لم يقدم فقهاء الأحزاب دليلا على وجوب حصره بسكان المدينة؟ ولماذا يحرم هؤلاء المفتون السياسيون أنفسهم من مظنة الأجر بإطعام فقراء الصائمين في موريتانيا الأعماق حيث لا تصل كاميرات التلفزيونات إلا خلال الزيارات الرئاسية، أم أنهم ساروا على نهج أسلافهم في ما يخصها، فقرروا بشأن موريتانيا الأعماق أن "خذ أصواتها ولا تجعلها مصرفا لصدقاتك"؟ وتابع آخر مستغرباً غياب الأحزاب الأخرى عن التنافس الذي يكاد يقتصر على الحزب الحاكم والإخوان، قائلا لماذا تغيب أحزاب "التكتل" و "اتحاد قوى التقدم والرفاه" و "الحراك" و "الوئام" و "الفضيلة".. عن هذه المنافسات الإفطارية؟

 

للكاتب نفسه