لبنان: ريع من نوع خاص

لا في 17 تشرين/أكتوبر، تاريخ اندلاع الحركة الاحتجاجية، ولا في 4 آب/أغسطس (انفجار مرفأ بيروت المهول) لم يخرج المسؤولون ليشرحوا، حتى ولو بشكل كاذب، ما الذي جرى. كان هذا الصمت هو أكبر تعبير عن الإفلاس. فقَدَ النظام خطابه، بعدما كان قد فقدَ وظائفه السيادية، بل وكل ما يفترض به إدارته.
2020-11-12

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
| en

تم انتاج هذا المقال بدعم من مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المقال أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

"كلن يعني كلن" هو الشعار الأساسي الذي رفع في حراك تشرين اللبناني (بدأ في 17 تشرين الأول 2019)، والذي أثار أكثر من أي شعار سواه الجدل. وهو كان ولد خلال "انتفاضة النفايات" صيف 2015، ولكنه لم يتمكن من كل معناه إلا هذه المرة. وهذا بذاته له دلالة تؤشر إلى طبيعة التحرك الذي وقع، وبمعنى ما "جذريته".

"كلن يعني كلن" صيغة عبقرية لقول الكثير بثلاث كلمات. هل الاجتماع اللبناني مستقطب على أسس مذهبية راسخة، كما يُردد دوماً؟ الجواب الثوري إذاً هو: كلهم بلا استثناء مدانون! وهي طريقة لتبيان وقوع الانفكاك عن الزعيم الذي يمثل في العرف العام طائفته وليس شخصه. هذا التمثيل يعود عليه بالطبع بفوائد جمة، مادية ومعنوية، تَفترض أن تشهد توزيعاً لبعض فتاتها على الطائفة، وفق نسب غير متساوية بالطبع، إذ يحدث أولاً وقبل كل شيء الاهتمامُ بحلقة مقربة تشكل النواة الصلبة للزعيم، وهي قابلة للتعديل دوماً، ثم يجري الالتفات أحياناً وبقدر ما للعامة. هذا الفتات الموزع راسخ في العقول باعتباره "حقاً" يمكن لكل فرد من الطائفة الحصول عليه، حتى لو تعذّر ذلك في الواقع. وتلك هي خاصية الشبكة العنكبوتية لنظام المحاصصة، التي تجعل حصة كل قطب معلومة إلى هذا الحد أو ذاك، وهي تُسيّل على شكل نصيب من المشاريع من كل نوع، ونصيبٍ من المناصب، وآخرٍ من الوظائف من أعلاها إلى أبسطها، وقدرٍ من التسهيلات، ومن التمكن من الحل والربط، ومن "الحق" في التدخلات على أنواعها، والوساطات التي يعبّر مقدارها وفعاليتها عن مكانة الزعيم وحاشيته ونفوذهم (حتى "الفك من حبل المشنقة" كما يقال لتجسيد الأمر).

تبدو مقاربة انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وكأنها تحتاج من أجل تأويلها، إلى مقدمة طويلة تستعيد الأسس، وتحكي سردية نشوء لبنان ومرتكزاته، لتحاول أن تقول ما الذي تغير الآن، وصار يتيح الانفجار، أو يتسبب به، وكذلك ما هي سمات هذا الانفجار، وما هي إمكاناته وآفاقه. والمؤكد أن لحظة "17 تشرين الأول" (بمجملها وخلال أشهر وقوعها) تجسد منعطفاً بالمعنى التاريخي، ولكنها بالتأكيد وليدة سياق كامل، وإن كانت الانتفاضة نفسها هي تعبير عن صدمة انكشاف مقدار إدقاع وتفاهة النظام الحاكم.

خاصيات الاجتماع اللبناني

رصدْ  – وصف وتحليل - آلية اشتغال النظام اللبناني أساسي في فهم، ليس فحسب السلطة، وإنما الاجتماع اللبناني. تَرافق رفع شعار "كلن يعني كلن" مع إزالة صور الزعماء من الساحات العامة. كل تجمع غاضب في مكان محدد تولّى إنزال صور زعماء منطقته وطائفته، حتى لا تثار حساسيات! ولفترة، خلتْ الشوارع الرئيسية من تلك الملصقات العملاقة لوجوه اشتغل عليها كثيراً فوتوشوب، وتصطحبها جملٌ أطناب بعضها ركيك بشكل لا يُصدق..

"كلن يعني كلن" صيغة عبقرية لقول الكثير بثلاث كلمات. هل الاجتماع اللبناني مستقطب على أسس مذهبية راسخة، كما يُردد دوماً؟ الجواب الثوري إذاً هو: كلهم بلا استثناء مدانون! وهي طريقة لتبيان وقوع الانفكاك عن الزعيم الذي يمثل في العرف العام طائفته وليس شخصه.

وبالمناسبة، فقد أدى الطائف إلى انفجار في أعداد "الزعماء"، وإلى تغيّر في نوعياتهم. كما أن الطامحين كثرٌ طالما أن اتفاق الطائف (أو "وثيقة الوفاق الوطني اللبناني" المقرّة في تشرين الثاني/نوفمبر 1989، وهي التسوية التي أنهت الحرب الأهلية المديدة) قد فتح الباب أمام تجديد "النخب". بقي حاضراً بعضٌ من أبناء أو أحفاد مؤسسي لبنان أو زعمائه التقليديين، بينما ظهر آخرون كمنتج جديد تماماً، صعد محمولاً على موجة اندثار الزعيم القديم وسلالته. ثمة تفاوت في مقدار ذلك "التجديد"، حيث بدا أن التمثيل الشيعي الحالي قد مَحق رموز الإقطاع السياسي القديم (وأبرزهم آل الأسعد في الجنوب، وآل حمادة في البقاع)، وظهرت تشكيلات من طبيعة طبقية وأيديولوجية جديدة تماماً تمثّل "المحرومين" أي فقراءَ تلك الطائفة ومعدميها، وذلك ينطبق على حركة "أمل" كما على حزب الله الذي أضاف إلى هذه الخاصية موضوعة الإسلام السياسي وقتال إسرائيل.

اقرأ/ي أيضاً: مجموع المقالات الافتتاحية التي نشرها "السفير العربي" لمتابعة الوضع في لبنان خلال العام المنصرم

وفي طوائف أخرى كان التغيير أقل قطعية. فقد أُنزل رفيق الحريري بمظلة، وبعدّة هائلة من الخدمات أبرزها في حينه عشرات ألوف المنح الدراسية، ومشاريع "أوجيرو" وتوظيفاتها، ولكن بقيت زعامة عائلات سلام وكرامي مثلاً حاضرة، وإن صارت تتقاسم مع الوافد الجديد الحصة، واندثرت أخرى بفعل الانقراض. ويصح الأمر نفسه على التمثيل المسيحي الذي شهد تجديداً من داخله (القوات من رحم الكتائب، بداية مع بشير الجميل ابن بيار، ثم مع ظهور أمراء حرب فرضوا أنفسهم على الرغم من منابتهم المتواضعة، وليسوا قطعاً أبناء عائلات الإقطاع السياسي التقليدي، ولا هم أبناء الوجهاء المدينيين الحديثين، وهو حال سمير جعجع، أبرزهم).

ولكن الملفت أن الزعماء الجدد، أفراداً وتنظيمات، تمثلوا بسرعة أغلبَ عادات وتقاليد الإقطاع السياسي القديم، حتى وإن كانوا غير منحدرين منه. والأهم أنهم تبنوا ديناميات المحاصصة، وصاروا يجادلون في نسبها وفي تعبيراتها. فبدا أن "النظام" القائم أقوى من التغييرات الطارئة على تمظهراته، وأنه يستوعب تلك التغييرات بسهولة نسبية ليقولبها وفق معادلاته.

والسر في ذلك هو أن نظام المحاصصة الطائفية - الذي بُني على الميثاق الوطني في 1943، وأُسس لبنان على أساسه، ثم أُعيد تأكيده، مع بعض التعديلات، في اتفاق الطائف - ينظّم تقاسم السلطة والثروة. وهذا معنى أنه ريع، وإن كان من نوع خاص، أو مختلف عن الريع النفطي مثلاً. السلطة والثروة مترابطان. أي أن السلطة هي مصدر الثروة الأساسي، ليس بالمعنى الفردي فحسب (إتاحة الإثراء للزعيم وحاشيته) وإنما بالمعنى الجماعي. وهكذا يدار لبنان، مأزوماً بشكل مستمر لشعور كل طرف بأنه كان ينبغي أن ينال أكثر، أو أن الآخر ينال فوق حصته، مع محاولات للتشاطر، أو انفجارات عنفيّة بحسب الظروف (1) .

"دور" لبنان: شيء من التاريخ

لا يمكن فهم ما يجري اليوم في لبنان من دون العودة ولو بشكل خاطف إلى تاريخه المعاصر. فهو ليس كياناً "بديهياً"، كما هي الدول عادة، مهما كان تاريخها معقداً أو ملتبساً، بل لبنان نتاج صيغة مركبة بتقصّد، ووفق معادلات رجراجة، وهو الأمر الذي يثار اليوم مع الأزمة المصيرية التي تلم به، وتبدو أنها تطال تحديداً ما يُفترض أنه تأسس على هذه الصيغة، وفي القلب منها: ما يمكن تسميته بدور لبنان، أو وظيفته.

الزعماء الجدد الذين برزوا بعد انتهاء الحرب الأهلية في مطلع التسعينات الفائتة، تمثلوا بسرعة أغلب عادات وتقاليد الإقطاع السياسي القديم، حتى وإن كانوا غير منحدرين منه. وهم تبنوا ديناميات المحاصصة، وصاروا يجادلون في نسبها وفي تعبيراتها. فبدا أن "النظام" القائم أقوى من التغييرات الطارئة على تمظهراته، وأنه يستوعب تلك التغييرات بسهولة نسبية ليقولبها وفق معادلاته.

نظام المحاصصة الطائفية - الذي بُني على الميثاق الوطني في 1943 - ينظّم تقاسم السلطة والثروة. وهذا معنى أنه ريعٌ، وإن كان من نوع خاص. السلطة والثروة مترابطان. أي أن السلطة هي مصدر الثروة الأساسي، ليس بالمعنى الفردي فحسب (إتاحة الإثراء للزعيم وحاشيته) وإنما بالمعنى الجماعي.

قام لبنان إذاً على "صفقة" غير مكتوبة، "الميثاق الوطني"، جرى الاتفاق على تفاصيلها في 1943 بين الوجهاء من الطوائف المختلفة، برعاية "مراجعهم" الدولية والإقليمية ومباركتها، وهو يُعتبر الاتفاق أو التوافق الذي أتاح للبنان نيل استقلاله عن الانتداب الفرنسي. يرتكز هذا التوافق إلى "دور" يمكن أن يلعبه هذا البلد الذي رُكّب على عجل في 1920، بعد انتهاء السلطة العثمانية، وتحويل متصرفية جبل لبنان ذات الاستقلال الذاتي النسبي، إلى "لبنان الكبير" بضم أقضية جديدة إليها. الدور الموكل إلى لبنان يخص الاستثناء الذي يمثله البلد، والإمكانات التي يمتلكها أبناؤه، وقبلهما الحاجة إليه من قبل المنطقة الناشئة، والقوى الغربية التي تتقاسمها. دور الوسيط ما بين الداخل العربي وأوروبا، في التجارة والوكالات، والاستيراد والتصدير، وهو مألوف منذ قرون في هذا البلد الممتد على طول ساحل البحر المتوسط، علاوة على المعاملات البنكية التي تحيط بها السرية المصرفية. يضاف إلى كل هذا وجود قدر عال من حرية الحركة ومن التسامح في أنماط الحياة، مرده إلى التنوع القائم، وإلى وجود أقدم الجامعات والمدارس الإرسالية في المنطقة، والمطابع، والجرائد، وإلى إتقان اللغات... وإلى جمال البلد الصغير الذي يبرر كونه مقصداً للسياحة، ومع هذه الخدمات التي ترافق ذلك وتفرض على نفسها توفير الجودة العالية.

كانت الشكوى إجمالاً هي من تركز كل ذلك في بيروت، التي كانت تضم قبل الحرب الأهلية في 1975 أكثر من نصف اللبنانيين.

يسجل التاريخ وقوع الحرب الأهلية المحدودة في 1958، التي استمرت ستة أشهر، وكان عنصرها المفجر قرار رئيس الجمهورية آنذاك، كميل شمعون، الانحياز إلى "حلف بغداد" ضد المحور الذي يقوده جمال عبد الناصر. وقد انتهت بتسوية جاء على أثرها قائد الجيش آنذاك، فؤاد شهاب، كرئيس للجمهورية. وقد عرف عهده إصلاحات عديدة، وإنشاء مؤسسات دولتيّة حديثة، ما بدا أنه تعديل ما في صيغة التقاسم الطائفي الفج للمناصب والمكاسب، الذي لم يلغَ، ولكن أضيفت إليه بعض الأصول والضوابط. وكان هذا الإصلاح عابراً، إلا أنه ما زال يُذكر لليوم، كمحاولة يُعتد بها. ويترافق مع هذه الجوانب التذكيرُ بالمقدار عظيم الأهمية لأثر "الخارج، في الاتجاهين: تأثيره المباشر في شؤون البلد، والتمكن من إيجاد تسويات فيه بمعية إقليمية ودولية.

كما يسجل التاريخ أزمة بنك إنترا 1966، كأول هزة اقتصادية كبيرة عاشها هذا التركيب الدقيق (2) . وقد أمكن تجاوزها بتوسيع القطاع المصرفي ودائرة المتحكمين فيه، مع ملاحظة أنه في صيغة الحل التي اعتمدت، كان هناك دور كبير للسلطة في لبنان، ولدول عربية كانت ذات مصلحة في الحل، وتملك ودائع في المصرف.

الخاصية الرئيسية للحرب الأهلية اللبنانية هي تمددها على طول السنوات الـ15. والاستعصاء هنا يشي بعدة معاني، أولها اضطراب المحيطين الدولي والإقليمي، بحيث تعذر وجود أطراف يمكنها حسم الموقف أو الوصول الى تسويات، كما في 1958. ولكن الأمر الأهم أن لبنان بدا قابلاً للاستغناء عنه.

بعد ذلك وقعت الحرب الأهلية المديدة (1975-1990). كانت بالطبع حرباً داخلية طاحنة، ذهب ضحيتها مئات ألوف القتلى، وما زالت أعداد المفقودين هائلة، ناهيك بالتهجير وبالدمار. ولكنها أيضاً تمتلك أبعاداً إقليمية ودولية قوية، بحيث يصعب التفريق بين الجانبين، الداخلي والخارجي، كما هو حال لبنان على الدوام. وقد تخللت الحربَ الأهلية المديدة حربان كبيرتان ومباشرتان مع إسرائيل، في 1978 (حرب الليطاني)، وخصوصاً في 1982 حين اجتاحت إسرائيل لبنان، واحتلت بيروت (بناءً على تسوية دولية). كما دخل الجيش السوري إلى لبنان في 1976 في إطار "قوات الردع العربية" ثم منفرداً، ولم يغادره إلا في 2005. ومن المعروف أن جولات التفاوض بإشراف دولي التي سعت للوصول إلى تسوية تُنهي الاقتتال وتُنتج صيغة للحكم، قد تجاوز عددها الـ 52 جولة، بينما لم تنضج تسوية الطائف إلا في 1989. وقد وضعت هذه الأخيرة مبادئ واتفاقات تخص ما سمي الإصلاح السياسي والإداري، وانسحاب الجيش السوري، وسوى ذلك. وكان مفهوماً أنها عناصر تزيينية بالدرجة الأولى، أو شكلية إلى حد بعيد، للتوصل فعلياً إلى وقف إطلاق النار، وإلى تركيبة يمكنها أن تستلم البلد "بالتي هي أحسن".

ولو كان يجب تسجيل الخاصية الرئيسية لهذه الحرب، فهي تمددها على طول السنوات الـ15 والاستعصاء هنا يشي بعدة معاني. أولها اضطراب المحيطين الدولي والإقليمي، بحيث تعذر وجود أطراف يمكنها حسم الموقف، كما في 1958. ولكن الأمر الأهم والحاسم كان أن لبنان بدا قابلاً للاستغناء عنه. صحيح أن البزنس استمر خلال الحرب، ولكنه كان محكوماً بقوانينها وليس بالمعادلة الأصلية لدور لبنان ووظيفته. وحين وقع انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إثر الاجتياح الإسرائيلي في 1982، ثم انهيار العملة الوطنية التي خسرت ألف مرة قيمتها (من الدولار الواحد يعادل 3 ليرات، إلى معادلته ب3000 ليرة، ولم يستقر على 1508 ليرة إلا "بقرار").

مشروع رفيق الحريري: رهانات خاسرة

بعد الطائف، راهن النجم الصاعد، رفيق الحريري، على استعادة دور لبنان الإقليمي كحاضرة مالية وخدماتية وسياحية. وهو شكّل أولى حكوماته عام 1992، بينما كان أفق ما يُتداول حينها يتعلق بالسلم القادم في مجمل المنطقة مع إسرائيل. عُقد مؤتمر مدريد للسلام في أواخر 1991، بعدما كان تدمير العراق بحربٍ قادتها الولايات المتحدة الأمريكية عليه قد بدأ في مطلع ذلك العام على أثر غزو صدام حسين للكويت. وإن كان مؤتمر مدريد لم يصل إلى نهاياته، لأسباب عديدة منها انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان شريكاً فيه، وكونه كان إطاراً شاملاً لبلدان المنطقة، مما يجعله مشروعاً معقداً و"طموحاً"، فقد تم تجاوزه باتفاق أوسلو الذي رعته واشنطن، وأعلن عنه ووقّع في 13 أيلول/سبتمبر 1993.

لا يمكن لأي منطق أن يعقل "خطة إعادة إعمار بيروت" – وخصوصاً وسطها الذي كان مدمراً بشكل كامل– سوى بادراك وجود هذه الرؤيا خلف الخيارات. فما أُنجز في ظل هذه الخطة يكشف ذلك، علاوة على قلة الذوق الصادمة، وعلى الصراع مع شركة "سوليدير" ("الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط بيروت") لمنعها من تدمير كل ما تبقى نسفاً وتسوية بالأرض، من أجل بناء ناطحات سحاب وفق المعايير الخليجية للعمارة والجمال. وتلك كانت أولى المعارك المدنية التي خيضت بمشاركة واسعة ومتنوعة، وبجدارة تثير الإعجاب بغض النظر عن حجم المنجز. وهي ضمت أطيافاً متنوعة، وشخصيات وازنة وتمكنت من إنقاذ بعض ما أُنقذ من العمارات الجميلة، ومن عرقلة بعض المخططات التي كانت أفدح. لا يمنع ذلك أن الاستملاكات التي طالت أملاك الناس، وأصحاب الحقوق كانت بعيدةً عن العدالة والشفافية، وأن إعادة إعمار هذه المنطقة بمعناها الواسع قد جرت وفق هاجس توفير أعلى الأرباح للشركة وكبار المساهمين فيها، والتي يقف خلفها ظلُ الحريري نفسه (3) . إلا أن ما تنشئه سوليدير ومجمل مشاريعها، كان يستهدف شريحة اجتماعية بالغة اليسر، يرجح أنها خليجية بالدرجة الأولى. فهؤلاء القوم هم من يتوجه إليهم هذا النمط من الاستهلاك، وهم أيضاً القادرون عليه.

ثم أنشأ الحريري الأوتوسترادات الكبرى التي تشق الساحل اللبناني من جنوبه إلى شماله، ومن بيروت إلى البقاع، مستنداً إلى مخططات ومراسيم قديمة لم تبصر النور في حينها، وإلى حاجة لبنان الأكيدة إلى شبكة طرق لائقة. ولكن، وعدا كل ملفات التنفيعات والتعديلات على المسارات، التي جعلت هذه الطرقات تكلف أضعافاً مضاعفة من كلفتها الفعلية (4)، وتثري سياسيين ووجهاء مرتبطين بكبار الزعماء – هنا المحاصصة تأخذ كل مداها - والمتعهدين المرتبطين بهم، وأثارت أحياناً تندّراً مريراً حول بعض استداراتها، إرضاءً لهذا أو ذاك، عدا ذلك كله، فهي لفتت الأنظار بسبب "ربطها" بلداناً من المنطقة عبر لبنان، وتحديداً جاريه الوحيدين، سوريا وإسرائيل. هل تلك ظنون شريرة وحسب؟ أم هي من بنات مشاعر الرهاب من المخططات التي تقرر في الكواليس، وتنفّذ "ببراءة"؟

بعد الطائف، راهن رفيق الحريري على استعادة دور لبنان الإقليمي كحاضرة مالية وخدماتية وسياحية. وهو شكّل أولى حكوماته عام 1992، بينما كان أفق ما يُتداول حينها يتعلق بالسلم القادم في مجمل المنطقة مع إسرائيل. عُقد مؤتمر مدريد للسلام في أواخر 1991، بعدما كان تدمير العراق بحربٍ قادتها الولايات المتحدة الأمريكية عليه قد بدأ.

كان الصراع مع شركة "سوليدير" لمنعها من تدمير كل ما تبقى نسفاً وتسوية بالأرض - وبناء ناطحات سحاب وفق المعايير الخليجية للعمارة والجمال - أولى المعارك المدنية التي خيضت بمشاركة واسعة ومتنوعة، وبجدارة تثير الإعجاب، بغض النظر عن حجم المنجز. وهي ضمت أطيافاً متنوعة، وشخصيات وازنة، وتمكنت من إنقاذ بعض ما أُنقذ، ومن عرقلة بعض المخططات الفادحة.

بكل الأحوال، كان لبنان المضطرب غير مهيأ لاستثمار هذا الأفق الذي ظهر بسرعة  أنه وهمي تماماً، فلم يكن هناك سلام شامل في المنطقة وقتها. وبدأت "سوليدير" تعاني من خسارات، وبدا المشروع برمته غير مجزٍ. بل اغتيل الحريري نفسه، واضطر الجيش السوري للانسحاب من البلاد بعد ما يقرب من 30 عاماً على احتلاله لها، واستباحتها، ووقع العدوان الإسرائيلي الواسع على لبنان في 2006، تلته قرارات بمقاطعة لبنان من قبل عدة دول خليجية، وبدعوة مواطني تلك الدول للامتناع عن التوجه إليه، ما جعل وسط بيروت، بفنادقه ومطاعمه الفخمة ومحلاته التي تعرض ثياباً ومجوهرات فاخرة، ومبانيه التي بقي أكثر من نصفها فارغاً.. جعله منطقة أشباح.

دور انتهى

كان رفيق الحريري لا يزال قادراً على توفير ودائع خليجية توضع في البنوك اللبنانية، وتؤدي إلى "شقْل" الحسابات المتعثرة، وليس إلى معالجة اقتصاد بدا غير موجود. وقد أشّرت مجمل هذه الحالة الى المكابرة خصوصاً والافتعال، لغايات سياسية وليس لوظيفة فعلية.

كان التغير في المواقع قد ظهر بجلاء: لبنان كملجأ لرؤوس الأموال العربية الهاربة من تأميمات بلدانها، اندثر، إلا في حالات خاصة كرؤوس أموال السوريين الذين كان بلدهم في حالة حرب وتفكك، أو بعض الأموال اليمنية للأسباب نفسها، أو بعض الأموال العراقية المتراكمة بفعل عمليات فساد كبرى... وهي حالات محددة ومحدودة، ولا علاقة لها بأن يوفر شركاء لبنانيون لرؤوس أموال عربية مجالات في البزنس. وقد سبقت بيروت دبي والدوحة وحتى عَمّان. بل لم تعد أوروبا، ومنذ عقود، هي مركز الغرب، وصارت الأموال الخليجية وحتى سائر الأموال العربية مستقطَبةً مباشرة من الولايات المتحدة، لو لزم الأمر.

كان يمكن للبنان أن يجد لنفسه "دوراً" آخر هو مهيأٌ له تماماً: كان يمكن أن يكون بلداً للتعليم الجيد وللطبابة الجيدة وللسياحة الممتعة. لكن ذلك بدا أكثر تواضعاً مما يجب، ثم أنه لم يكن ليوفر للشريحة المتنفذة العوائد التي توفرها برامج كاملة من المعونات والقروض والهندسات المالية، وكل ما يرافق ذلك من فساد مشرعن بقرارات وترتيبات متداخلة.

وفي بلد يغيب عنه تماماً مفهوم المصلحة العامة، حتى ولو ادعاءً، لصالح قيم "الشطارة" والتحاصص في السمسرات والنهب، وهي قيم معلنة ومتبناة، ويتوفر لها تأييد عام، بدا أن هناك عجزاً تاماً عن التفكير بالورطة القائمة –وجزء كبير منها هو نتاج عوامل ومتغيرات موضوعية، وليست نهباً مهولاً فحسب - وبكيفية الخروج منها. لذا استمر الهروب إلى الأمام، واعتماد الحلول الترقيعية... إلى أن انكشف ما كان بالكاد مستوراً.

الانتفاضة

"كلن يعني كلن" هو الإعلان الصريح عن إفلاس البناء الذي أدار البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية. انتفض اللبنانيون حين صادرت البنوك مدخراتهم واحتجزتها. وظهر أن عملية سرقة كبيرة قد نُظّمت، وأنها تجاوزت افتراس ونهب المال العام: فهذه العملية الأخيرة جرت على مدى سنوات طويلة، وكانت معلومةً من الجميع من دون استنكار شديد، إذ تُعامل كما لو كانت أمراً واقعاً، أي بتسامح مستسلم وكأنها شيء "عادي"، مع بعض التدقيق في حصص المستفيدين لتفحص مدى "عدالتها": ومع الظن بأن حصة الطرف الشيعي متضخمة للغاية في السنوات الأخيرة.. تماماً كما كان يُظن بأن حصة الموارنة كانت متضخمة قبل الحرب الأهلية.. ولكن، ومع المسّ بالمال الخاص راحت تظهر القضايا كلها: أزمات الإيجارات والسكن والصحة والتقاعد والتعليم وعجز القدرة الشرائية والبطالة، وأعطاب ورداءة كافة الخدمات العامة. كل ما هو "اجتماع"، ومشترك، أو الحياة نفسها.

وقد تميزت التحركات الانتفاضية بأنها أعادت طرح هذا المشترك، الذي صار – هو والسرقة الموصوفة الجارية – الجسر الذي امتد بين المناطق والطوائف والحساسيات السياسية. وهذا ما يفسر الفرح الذي رافق التحركات، والتلاقي غير المفتعل بين جماعات كانت منقطعة فيما بينها، والمبادرات التضامنية في الشعارات كما في الوفود المتبادلة، وأيضاً في تدفق التبرعات وبالأخص منها لإقامة المطاعم المجانية المفتوحة، والتزام رجال ونساء من خلفيات متنوعة، طبقية وعمرية، بالساحات.. كان في ذلك كله اكتشاف لسمات في الاجتماع اللبناني جعلته يبدو لمرة، إن لم يكن مندمجاً فمنفتحاً ومتسامحاً، وطرحت قيماً عامة مشتركة.

في بلد يغيب عنه تماماً مفهوم المصلحة العامة، حتى ولو ادعاءً، لصالح قيم "الشطارة" والتحاصص في السمسرات والنهب، وهي قيم معلنة ومتبناة، ويتوفر لها تأييد عام، بدا أن هناك عجزاً تاماً عن التفكير بالورطة القائمة – وجلّها نتاج عوامل ومتغيرات موضوعية وليست نهباً فحسب - وبكيفية الخروج منها. لذا استمر الهروب إلى الأمام، واعتماد الحلول الترقيعية... إلى أن انكشف ما كان بالكاد مستوراً.

ظهر تفاوت كبير في الشعارات المرفوعة. فقد صُدِح ب"اسقاط النظام الطائفي" وهو شعار يبدو جذرياً تماماً، بينما شاركت في رفعه قوى طائفية كانت على الدوام جزء من المعادلة اللبنانية. ورفع ايضاً، وفي الوقت نفسه، وبشكل اجماعي أيضاً، شعار أشد تواضعاً بكثير هو إقالة ومحاسبة حاكم مصرف لبنان، باعتباره مسؤولاً عن الهندسات المالية التي أفلست البلد، ومتواطئاً مع السلطة النهّابة.

كان أهم ما ظهر في هذه التحركات، من خلال شعاراتها، وأيضاً من خلال تركيبة بشرها المتنوعة بحدود غير مسبوقة، هو السقوط العنيف لشرعية المؤسسات السياسية، وليس فحسب مؤسسات الدولة. أدينت "السياسة" ومعها "الأحزاب" بينما كان كل ما يدور سياسياً بامتياز. بدءاً من الدعوة إلى محاسبة السراق، ونصب المشانق الرمزية بعد انفجار المرفأ.

لم يظهر أن الانتفاضة اللبنانية سعت إلى بلورة برامج. كانت هناك مجموعات ولكل منها تصورها العام، ولكنها كلها كانت بلا برامج. كان هناك التكنوقراطيون وهم مجموعات عديدة (لعل أبرزها المجموعة النشطة المجتمعة حول "المركز اللبناني للدراسات السياسية" LCPS، وكذلك مجموعة "كلنا إرادة")، وهم أصدروا بيانات فيها مقترحات تقنية لإدارة الأزمة، وكان هناك "مواطنون ومواطنات في دولة" (وهو يقدم نفسه كحزب سياسي) وهو بلور تصوراً اعتبره برنامجياً، بل قام بتوزيع خطواته المقترحة للحل زمنياً، وطالب باعتباره هو البديل وبتسليمه السلطة (!) لأنه يعرف الحل، وكان هناك المتابعة المثابِرة لمجموعة "المفكرة القانونية" التي عملت على محاججة تدابير السلطة وكشف عوارها وقصورها، وكان هناك البرنامج الكلاسيكي للحزب الشيوعي الذي صدر على إثر اجتماع يفترض أنه توافقي في فندق الكومودور ببيروت في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، كما كانت هناك مجموعات تعتبر نفسها راديكالية وتنادي مثلاً بـ"تأميم المصارف"! ولم يحدث أن تمكن هؤلاء جميعاً من التحاور فيما بينهم، ومن الاتفاق على بضعة نقاط يمكنها أن تشكل إطاراً جامعاً للتحرك. وإلى جانب هؤلاء، تشكلت مجموعات، وعقدت ندوات وأسس بعضها نوادي في الخيام المنصوبة في الساحات، بل وأصدر مطبوعات أو مواقع إلكترونية، كما أقيمت نشاطات فكرية وثقافية وفنية.. وحضرت كتل حزبية من مختلف الاتجاهات، ولكن كان واضحاً أنه لا يمكنها النطق باسم أحزابها بشكل صريح أو فعال. ونجح إلى حد بعيد التوافق الضمني على تبني العلم اللبناني ورفعه، كانتماء جامع وعابر للطوائف والتيارات، فعرف بذا ازدهاراً غير مسبوق. أما الكتلة الرئيسية للتجمعات فبقيت عفوية، سمتها الغضب مما يجري، والاشمئزاز من سلوك السلطة المتواطئة مع المصارف، والسخرية منها. وكان اختراق هذه التجمعات من قبل الأجهزة الأمنية يسيراً، وهو ما حدث في عدة ساحات وبأشكال مختلفة.

وكل ذلك عزز السمة الاحتفالية لهذه التجمعات. أو كما عينها الباحث الفرنسي برتراند بادي في أحد نصوصه: "هذه الحركات لم تعد تتمفصل على منطق المطالبة، وإنما هي خطوات للتعبير عن النفس" (5).

ولعل النقص الأساسي كان في العجز عن إيجاد أي قواسم مشتركة بين المجموعات، أو توافقات يمكن التأسيس عليها، على الرغم من وجود اتفاق عام على المطالبة بمحاسبة المسؤولين، في بلد لم تجرِ فيه تاريخياً أية محاسبات من أي نوع.

ومما يستدعي التفكير والنقاش كذلك، ما ظهر من تفاوت في الشعارات المرفوعة. فقد صُدح ب"اسقاط النظام الطائفي" وهو شعار يبدو جذرياً تماماً، بينما شاركت في رفعه قوى طائفية وكانت على الدوام جزء من المعادلة اللبنانية، ولو أنها هُمّشت لصالح سواها في التركيبة التي حكمت البلد في السنوات الاخيرة، وبخاصة بعد "اتفاق مار مخايل" بين حزب الله و"التيار الوطني الحر" في 2006. ورُفع ايضاً، وفي الوقت نفسه، وبشكل إجماعي، شعار أشد تواضعاً بكثير هو اقالة ومحاسبة حاكم مصرف لبنان، باعتباره مسؤولاً عن الهندسات المالية التي افلست البلد، ومتواطئاً مع السلطة النهّابة. وهو الشعار الذي أيده حزب الله ووجه جمهوره لتبنيه حين كان يجيز له النزول الى الشارع والمشاركة في التظاهرات، بينما كان يستنفر لقمع هذه الاخيرة حين يمس شعار "كلن يعني كلن" بزعيمه أو بسمعة حليفه رئيس المجلس النيابي (يترأسه منذ 1992 بلا انقطاع) وزعيم حركة أمل، نبيه بري. ومن الجلي أن شعار اقالة رياض سلامة، حاكم المصرف المركزي، يحد كثيراً من وجهة تحميل مجمل النظام المسئولية عما جرى.

الخلاصة: الصمت

لا في 17 تشرين الأول /أكتوبر، ولا في 4 آب/ أغسطس (انفجار مرفأ بيروت المهول)، لم يخرج المسؤولون ليشرحوا، حتى ولو بشكل كاذب، ما الذي جرى. كان هذا الصمت هو أكبر تعبير عن العجز والإفلاس. فقدَ النظام خطابه، بعدما كان قد فقدَ وظائفه السيادية، بل وكل ما يفترض به أن يديره. وحتى شخص بجبروت نصر الله وحزبه، وهو كان كثير التدخل على التلفزيون، لم يشرح ما الذي جرى، وقفز أحياناً إلى ما اعتبره حلولاً بدت مضحكة..

وما زال هذا الصمت سارياً. تتخذ البنوك قرارات تخص حياة المواطنين، بعضها بالاتفاق مع السلطة، وأخرى يظهر من خلالها أن هناك توترات بين القطبين الحاكمين.. وأما كيف ولماذا، فالله أعلم. وأما كيف يمكن لكل هذا أن ينتهي فهو الغموض بذاته. ولكن وفي الواقع، فما زال اللبنانيون - وبناءً على تقاليد عريقة يختزنونها - يأملون بمنقذ، وبأن يحدث توافق دولي وإقليمي على منع لبنان من الانحدار التام (6) ، ويعتبرون أن هناك فساداً هائلاً بالتأكيد، وهو مستمر بقوة مضاعفة في ظل هذه الأزمة الطاحنة، ويتندرون بتفاصيله اليومية، كما بتفاصيل انعدام الكفاءة لدى المسؤولين، ولكنهم وبالمقدار نفسه، يعتبرون أن هناك "مؤامرة" وتركيبات يمكن تجاوزها بقرار، ويميلون تارة لاعتبارها تهدف للضغط على حزب الله، أو لفرض السلم مع إسرائيل تارة أخرى.. أو هي مؤامرة من حزب الله لفرض سيطرته على لبنان الخ.. ولعل هذه الميول تقوم بمفعول تخديري وانتظاري.

تسود اليوم في لبنان الاسئلة: لماذا لم يمكن إنجاز توافقات، وهل الذاتية تكفي لتفسير هذا القصور؟ لماذا لم تظهر نخبة دولتية متمكنة أو مقنعة، ويمكنها أن تستقطب الناس؟ هل السبب في كل ذلك هو الإحساس بأن اللعبة تدار من مكان آخر أكبر من لبنان؟ وعلى أية حال، هل كان التوافق ليغير شيئاً "على الأرض"؟ وغير ذلك الكثير مما يكشف تناقض تلك "الكلن" الفرحة والإطلاقية، وتلك "الكلن" الحذرة والقشرية...

محتوى هذا المقال هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

______________

1- للتوسع: السلم الأهلي البارد : لبنان المجتمع والدولة، 1964-1967، وضاح شرارة، معهد الإنماء العربي 1980، وأيضاً: الهوية الطـائـفـيـة و الـزمـن الإجـتـمـاعـي في أعـمـال مـؤرخـي لـبـنـان الـمـعـاصـريـن، أحمد بيضون، منشورات الجامعة اللبنانية 1984، وهو كتاب ضخم يبدأ بسؤال: "هل لبنان موجود حقاً"
2- أزمة بنك إنترا - حديث مع هشام صفي الدين، أستاذ في تاريخ الاقتصاد السياسي، المفكرة القانونية، 11 كانون الثاني /يناير 2020.
https://al-akhbar.com/Community/73439-3
4-ما يسمونه عالمياً "مشاريع الفيل الأبيض"، وهو تعبير مستوحى من رمزية الأفيال بيضاء اللون بالغة الكلفة ومعدومة المردودية التي كان يتسابق الأثرياء في الهند على اقتنائها تباهياً وتبذيراً.
 5- Bertrand Badie : « L’acte II de la mondialisation a commencé », entretien avec Le Monde, 8 novembre 2019
6- "هل من خطر على الأمن الغذائي في لبنان؟" تقرير الأسكوا  في 30 آب/أغسطس 2020، الذي يقول إن نصف الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر. وقد ظهرت بقوة زوارق الموت التي تحمل هذه المرة لبنانيين، كما اشتدت حركة الهجرة لمن هو قادر عليها..

مقالات من لبنان

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...