الأدوية المزوّرة في موريتانيا

ضبطت السلطات الجزائرية مؤخراً شحنة من الدواء المزور كان يتم تهريبها عبر الصحراء الكبرى والطرق الصحراوية المستخدمة عادة في تهريب المخدرات والأسلحة. وكانت الشحنة معدة للوصول إلى السوق الموريتانية. وتنشط شبكات التهريب بين عدة دول أفريقية، عبر طرق تربط موريتانيا بغينيا كوناكري وغينيا بيساو. لم يعد انتشار الأدوية المزورة في البلاد شأناً داخلياً، فـ"معهد البحث ومحاربة تزوير الأدوية"
2014-12-17

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
(من الانترنت)

ضبطت السلطات الجزائرية مؤخراً شحنة من الدواء المزور كان يتم تهريبها عبر الصحراء الكبرى والطرق الصحراوية المستخدمة عادة في تهريب المخدرات والأسلحة. وكانت الشحنة معدة للوصول إلى السوق الموريتانية. وتنشط شبكات التهريب بين عدة دول أفريقية، عبر طرق تربط موريتانيا بغينيا كوناكري وغينيا بيساو.
لم يعد انتشار الأدوية المزورة في البلاد شأناً داخلياً، فـ"معهد البحث ومحاربة تزوير الأدوية" الفرنسي أكد وجود دور بارز للموريتانيين في نشر الأدوية المزورة في الغرب الأفريقي المتاخم لبلادهم، مشدداً على أنها تبلغ عشرات الأطنان، لافتاً إلى التزايد الكبير في أعداد موزعي الأدوية في موريتانيا مقارنة مع الدول المجاورة لها. وقد أثبتت وثائق رسمية نشرتها صحف محلية تورط إحدى الشركات الرسمية لتوزيع الأدوية بتوزيع أدوية مزورة وصلتها في حاويات في العام، 2010 وقد أرسلت عينات منها إلى مختبر تونسي، ردّ بأنها غير موافقة للمواصفات العلمية. لكن الشركة الموريتانية وزعت الكمية على الصيدليات! وأما مستوردو الأدوية وموزعوها فبينهم برلمانيون ورجال أعمال وضباط كبار في الجيش وعُمَد عواصم محافظات، وهم لا يتعرضون إلى أكثر من تنبيه حين تكتشف وزارة الصحة دواءً مزوراً في إحدى مؤسساتهم.
ويعاني الموريتانيون من ضعف التغطية الصحية، بينما تكاليف معاينة الطبيب في غاية الارتفاع. ومع الفوضى التي تطبع القطاع الصحي وغلاء الأسعار مقارنة بمستوى دخل الفرد، يبلغ سعر معاينة طبيب النساء في نواكشوط مثلا خمسة عشر ألف أوقية، أي ما يعادل خمسين دولاراً. ويقف أحد أهم أطباء النساء والتوليد مندهشاً أمام ازدياد حالات الإجهاض بسبب موت الأجنة، ويرجح أن السبب يعود إلى ضعف الرقابة على الأدوية، وبينها ما هو مزور أو فاقد الصلاحية.
وقد كشفت مصادر صحافية في نواكشوط عن عشرات الشبكات التي تنشط في تزوير الأدوية، والتي تتابع الأغلى ثمناً منها والأكثر استخداماً، مثل أدوية الحمل الخاصة بالتثبيت، وأدوية الأطفال وضغط الدم ووسائل التخدير مروراً بالمضادات الحيوية بكل أنواعها. ويتم التزوير بشكل يجعل التفريق بين المنتج المزور والأصلي مستحيلا من دون اللجوء إلى المختبرات. وتشكل أسواق غينيا كوناكري أكبر ملتقيات المنطقة، حيث يتجمع فيها سماسرة الأدوية المزورة من الصين، والهند، ونيجيريا، وغانا، وساحل العاج.
ويتخذ كل مهرب شريكاً له في الدولة التي تستضيف نشاطه الرسمي، ويستغلون الرحلات الجوية لإرسال شحنات الدواء المزورة، مستعينين بعلاقاتهم في الجمارك الموريتانية. وفي مرحلة من المراحل كانت الخطوط الفرنسية تسيِّر رحلتين أسبوعيتين بين نواكشوط وكوناكري أغلب ركابهما من تجار الدواء وسماسرته. كما نشطت بعض الشبكات في مجال جمع الأدوية الفرنسية منتهية الصلاحية من الصيدليات وإعادة تدوير تاريخها وبيعها في الأسواق من جديد.
"الصحة للجميع عام 2015" و"القضاء على الأمية" من ضمن "مزاعم" اخرى تعلنها الحكومات الموريتانية المتعاقبة، في حين يفتخر وزير الصحة الموريتاني امام البرلمان هذا الاسبوع بأن موريتانيا أصبحت لديها كلية للطب وخمس مدارس لتخريج الممرضين والقابلات، وأن حكومته ضاعفت الكادر البشري في مجال الصحة من ألفين الى خمسة آلاف خلال الاعوام الخمسة الماضية. ويواجه الشارع الموريتاني هذه الأحوال بالكثير من السخرية.

 

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه