الصومال: بقع ضوء وسط الظلام

تظهر إلى العلن في الصومال بقع ضوء يؤمَل أن تتسع رقعتها وسط الخراب والموت المستمرين بفعل الحرب الأهلية والجفاف والمجاعة التي لم تختفِ آثارها بعد. ففي ظل أسوأ الظروف الاقتصادية والحياتية والحربية والسياسية، والتي تُرجمت بإعلان الأمم المتحدة قبل أيام أن أكثر من 2,5 مليون شخص لا يزالون يواجهون أخطاراً صحية بعد سنة على المجاعة، تمكنت جامعة الصومال من تخريج أوّل دفعة من طلاب الماجستير للمرة الأولى منذ
2012-07-25

شارك

تظهر إلى العلن في الصومال بقع ضوء يؤمَل أن تتسع رقعتها وسط الخراب والموت المستمرين بفعل الحرب الأهلية والجفاف والمجاعة التي لم تختفِ آثارها بعد. ففي ظل أسوأ الظروف الاقتصادية والحياتية والحربية والسياسية، والتي تُرجمت بإعلان الأمم المتحدة قبل أيام أن أكثر من 2,5 مليون شخص لا يزالون يواجهون أخطاراً صحية بعد سنة على المجاعة، تمكنت جامعة الصومال من تخريج أوّل دفعة من طلاب الماجستير للمرة الأولى منذ تفجر الحرب الأهلية عام 1991. صحيح أن عدد المتخرّجين هو 27 فقط، إلا أنّه يؤشر إلى «إنجاز» عندما نعلم بأن 232 ألف طفل، أو خُمس الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، ما زالوا يعانون سوء التغذية في هذا البلد من جراء المجاعة والحرب الأهلية معاً، بحسب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال مارك بودين.
وقد تزامن الاحتفال بتخرج طلاب الماجستير مع ذكرى مرور عام على المجاعة التي ضربت البلاد وأودت بحياة عشرات الآلاف في الصومال وحدها، من بين 12 مليون مهددين بالموت جوعاً في القرن الأفريقي. ورغم أن الأمم المتحدة أعلنت في شباط/فبراير الماضي عن انتهاء المجاعة، إلا أنّ الظروف لا تزال بالغة الهشاشة، وقد تشهد مزيداً من التفاقم بسبب الأمطار الضعيفة واستمرار الحرب الأهلية، وسط امتناع البلدان المانحة عن تقديم سوى نصف الأموال الضرورية لمواجهة الوضع، بحسب مارك بودين، بما أنه يجب تأمين 576 مليون دولار فوراً لتدبر آثار المجاعة وما يترافق معها من أمراض معدية.
وقد احتفلت جامعة الصومال في مقديشو بتخريج الطلاب الـ 27 الذين نالوا الماجستير في اختصاص إدارة الأعمال، بعدما درسوا لمدة عامين كاملين في الجامعة المذكورة بفضل «جهود ذاتية» من القيّمين على الجامعة، و«من دون مساعدة من أحد»، على حد تعبير المدير العام لوزارة التعليم العالي إسماعيل يوسف. هذا بينما يحصل معظم الطلاب الصوماليين على شهادات الدراسات العليا من الخارج.
وتُطرح أزمة التعليم في الصومال من زوايا متعددة، إحداها تُختصَر بـ «أزمة المظلات التعليمية» الخاصة، التي ظهرت على شاكلة مدارس خاصة منذ مطلع تسعينيات الماضي، تاريخ الانطلاقة الفعلية للحرب الأهلية في الصومال. ومشكلة هذه «المظلات»، أو المدارس الأهلية، أنها حاولت الحلول مكان الغياب الكامل للدولة ولوزارة التعليم والتربية فيها، فأنتجت مشكلة جديدة هي فوضى التعليم ورداءته وسط عدم اتفاق المدارس على منهاج وشهادة موحّدين، ما أدّى ولا يزال إلى عدم اعتراف الجامعات الأجنبية بالشهادات الصادرة عن هذه المدارس، التي يبقى معظمها غير مرخص نتيجة غياب سلطة مركزية واحدة. ولحلّ أزمة «المظلات»، تحاول الحكومة الصومالية، التي تفرض سيطرتها عملياً على العاصمة مقديشو فحسب، توحيد مناهج المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لها، وتوحيد الشهادات الصادرة عن مختلف المؤسسات التعليمية. وتشير أرقام وزارة التربية والثقافة والتعليم العالي في الصومال للعام 2011، إلى وجود نحو 845 مدرسة خاصة، بينما لا تدير الحكومة المركزية سوى ست مدارس في مقديشو في ظل وجود 15 جامعة في مختلف أنحاء البلاد، من دون أن تشمل هذه الأرقام «إقليم أرض الصومال».
(السفير العربي)

مقالات من الصومال