من صور التضامن الشعبي لمواجهة أزمة كورونا.. نماذج من قرى مصرية

"قرى مصر بحاجة كبيرة إلى العمل الأهلي الذي يمكن أن يحدث فارقاً هائلاً على مستوى تثقيف الأهالي وخدمة المواطنين. ولكن القبضة الأمنية تحدّ من ذلك كثيراً".
2020-05-27

منى علي علاّم

كاتبة وصحافية من مصر


شارك
أحد شباب قرية منية الحيط بمحافظة الفيوم أثناء تعبئة الخضروات.. الصورة من مجموعة القرية على فيسبوك.

تنوعت صور التحركات الأهلية التي استهدفت تقديم العون لأفراد المجتمع، لاسيما على المستوى الاقتصادي، من خلال الجمعيات أو الجهود الفردية. ولا شك أن درجة نشاط المجتمع المدني وقوة تأثيره ومدى اتساعه تختلف باختلاف درجة الحرية التي يتمتع بها، وضمانات أو تعقيدات البيئة القانونية التي يعمل في ظلها..

وقد شهدت مصرتحرّكات مجتمعية لمواجهة الأزمة وآثارها الاقتصادية العاجلة، ربما المثل الأبرز هنا، الذي حظى بتغطية لافتة في الصحف والمواقع المصرية، قرية "العزيزة" بمركز المنزلة بمحافظة الدقهلية، التي شهدت مبادرة من "مجلس العائلة" لجمع التبرعات لأبناء القرية الذين توقفوا عن العمل تحت شعار "1000 جنيه لـ 1000 عامل"، وتم ترويجها عبر فيسبوك، وشارك في التبرع أبناء القرية العاملون بالخارج، ووصل إجمالي التبرعات إلى 2.5 مليون جنيه.

في قرية أخرى كان العمل الأهلى مختلفا. وهي قرية "منية الحيط" بمركز إطسا بمحافظة الفيوم، حيث تطوّع عدد من أبناء القرية، جلّهم من الشباب، لتعقيم الطرقات وتوعية الأهالي حول العدوى، وكذلك لتوفير كميات كبيرة من الخضروات بسعر الجملة، في محاولة لمساعدة الفئات المتضررة اقتصاديا، وقد جمعتهم على فيسبوك مجموعة باسم "جروب منية الحيط الرسمي".

يشرح أحد المشاركين في هذا النشاط، وهو شريف الروبي (40 عاما)، العمل الذي قام به مع غيره من أعضاء الفريق: "قمنا برشّ البلد بمواد تعقيمية باستخدام موتور وضعناه على تريسكل، وتبرع أحد الشباب بمواد تعقيم تُستخدم في مزارع الدجاج بعد التأكد من مختصين أنها آمنة على الصحة العامة وفعّالة.. بدأنا مجموعة من 6 أفراد ووصلنا إلي 20 متطوعا، ونظمنا دورة لمدة يوم لأعضاء الحملة حول كيفية التحدث عن الوباء وسبل الوقاية منه، أعطاها مجموعة من المسعفين الطبيين يديرون إسعاف القرية، ونزلنا الشارع، بعضنا يتولى التعقيم والبعض الآخر يتحدث مع الجمهور، وكانت هناك استجابة كبيرة من الأهالي".

ويضيف: "قام أحد أعضاء الحملة بطرح فكرة شراء خضروات بأسعار الجملة وبيعها للأهالي بالأسعار نفسها بدون أي هامش ربح على الإطلاق، ولتنفيذ الفكرة توسّط واحد من أهل القرية يعمل بالتجارة والاستيراد لضماننا لدى تاجر خضروات، وبالفعل أخدنا منه أول كمية عبارة عن 3 أطنان بصل و3 أطنان طماطم و6 أطنان بطاطس وقمنا بتعبئتها في أكياس وطرحناها للبيع في الشارع بسعر الكيس 10 جنيهات (به 3 كيلو طماطم أو بصل أو بطاطس)".. ثم امتد نشاطهم لتوفير اللحوم والدواجن بالطريقة نفسها، بالإضافة إلى النشاط السنوي الذي بدأ لاحقا والخاص بتجهيز شنط رمضان.

يقول الروبي إن العمل الخيري في قريته يتم عبر 3 جهات: الجمعيات الأهلية، ورجال أعمال يعملون في الاستيراد، ومجموعات عمل مستقلة من شباب القرية. ويشير لوجود أحزاب سياسية أعضاؤها من "علية القوم"، على حد تعبيره، "يملكون المال ولكنهم غير قادرين على جذب متطوعين من الشباب"، وقد حاولوا إعاقة عملهم بصور مختلفة. ويقول إن الفريق واجه صعوبات تتعلق بالقيود الأمنية. وعلى الرغم من أن الروبي يصنّف نفسه بأنه ذو انتماء سياسي معارض، بخلاف باقي شباب الفريق، فمعظمهم مستقلون أو غير مسيسين، فهو يؤكد أن العمل الخيري لا بد أن يُنفّذ بعيداً عن أي توجه سياسي، لأن بعض الأحزاب تستغله للترويج والدعاية. وتجنبا لأي مشكلات، حرص الفريق على التواصل أولا مع مسئولي الأمن في القرية.. كما حرصوا على ألا يجمعوا أي تبرعات مالية لأنهم ليسوا جمعية ومن شأن ذلك إثارة اللغط وإفشال الحملة.

يؤكد الروبي أن قرى مصر بحاجة كبيرة إلى العمل الأهلي الذي يمكن أن يحدث فارقا هائلا على مستوى تثقيف الأهالي وخدمة المواطنين، ولكن القبضة الأمنية تحدّ من ذلك كثيرا، ولذا يرى ضرورة فتح المجال للعمل الأهلي بحريّة، وهذا لن يفيد فقط المواطن بل أيضا سيخفف العبء عن كاهل الحكومة.

للكاتب نفسه

قصّة "هَدِية" مع الميراث

في زيارتي الأولى في العام 2016 ركّزتُ على التقصير الحكومي ونقص الخدمات الأساسية، وفي الثانية (2021) عملتُ واحتككتُ أكثر بموضوعات تتعلق بثقافة وسلوكيات الناس أنفسهم هناك: ختان الإناث، قتل النساء...

أوضاع صعبة يواجهها الوافدون السودانيون في مصر وعلى حدودها

قالت مفوضية اللاجئين إنه حتى 15حزيران/ يونيو الفائت، تمّ تمويل برنامج الاستجابة السريعة للأزمة السودانية، الذي يشمل مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، بنسبة 15 في المئة فقط...