في غفلة من مريم

بينما كانت المرأة تقوم بعملها جوّاً كقائدة لسرب طيران حربي إماراتي، جرى أرضاً تثبيتها أسفل كدسة من التصريحات والآراء والبيانات. بخبطة يد أطيحت صور «داعش» وأخباره والنقاشات حوله، و«الضربات الجوية الأميركية للعراق وسوريا» و«مشاركة دول عربية إلى جانب أميركا ودول أخرى في قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية»... ليحطّ مكانها السجال حول الرائدة الطيارة

بينما كانت المرأة تقوم بعملها جوّاً كقائدة لسرب طيران حربي إماراتي، جرى أرضاً تثبيتها أسفل كدسة من التصريحات والآراء والبيانات. بخبطة يد أطيحت صور «داعش» وأخباره والنقاشات حوله، و«الضربات الجوية الأميركية للعراق وسوريا» و«مشاركة دول عربية إلى جانب أميركا ودول أخرى في قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية»... ليحطّ مكانها السجال حول الرائدة الطيارة الاماراتية مريم المنصوري.
بدأت القصة مع تداول صور لطيّارة محجبة ذُيلت بتعريف أنها أول امرأة تقصف مواقع لتنظيم «داعش» في سوريا. وكالة الأنباء الإماراتية «وام» أكّدت خبر مشاركتها في الضربات الجوية ضد التنظيم.
طار النقاش. استعر بين معترضين بشدة ومرحّبين بشدّة. تويتر حفل بالتغريدات التي جاءت على شاكلة «هيا علّمي أولئك الأوباش درساً»، لتقابلها «هذه طيارة إماراتية مجرمة»...
كان المُبتغى من الصورة «الرسمية» إظهار بعض حداثة في التعاطي مع المرأة التي تنخرط في كل المجالات، على النقيض لما يرتكبه تنظيم داعش من تنكيل مخصوص بالنساء.
المدهش بداية هو تعليق قناة «فوكس نيوز» الأميركية التي سخر بعض مذيعيها من مشاركة مريم. الصحافية كيمبرلي غوليفويل، أعدت تقريراً يمتاز بـ«ذكوريّة» هائلة (وإن بدا أنها غير مدركة لذلك)، قالت: «هاي داعش، تم قصفكم على يد امرأة (...) هذا مثير جداً، امرأة قامت بذلك.
أنا آمل أن الضربة كانت مؤلمة جداً».
بدوره، زميلها في القناة نفسها غريغ غوتفيلد أطلق سلسلة نكات مسيئة «المشكلة هي أنها بعدما قامت بعملية القصف، لم تكن قادرة على ركن الطائرة»، في سخرية من قلة دراية النساء عموماً بسوق السيارات، وفق ما هو شائع (بغض النظر عن صحته)، وهي نكات متداولة عن نساء أميركا وفرنسا ومجمل العالم. إيريك بولينغ، الصحافي في القناة، اعتذر: «عند عودتي إلى المنزل بعد تصوير الحلقة، رمقتني زوجتي بنظرة تعبّر عن غضبها». يا سلام! من حسن الحظ أن زوجته أدركت.
كما أرسل ستون من «المحاربين الأميركيين القدامى» رسالة استنكار لتلك «الدعابات غير المضحكة»، واعتذروا من مريم.
وقالوا إن تلك التعليقات أثارت استياء في الرأي العام الأميركي لدى النساء والرجال. يفترض أن يكفينا ذلك كردّ اعتبار.
ولكن باعتذار أو من دونه، فقد انكشفت بلحظة ذكورية مرعبة لدى هؤلاء «المتحضرين» تتبنى القيم السائدة لدى «داعش» وسواه، حيث قصْف امرأة للرجال أشد إذلالا من سائر القصف، وفيه تحقير مضاعف.
بينما على صعيد آخر، خرجت عائلة المنصوري ببيان مطوّل تقول بما حرفيّته «نحن أبناء عائلة المنصوري في دولة الإمارات العربية المتحدة نعلن للملأ براءتنا من المدعوة مريم المنصوري وكل من يشارك في العدوان الدولي الغاشم على الشعب السوري الشقيق، وعلى رأسهم الابنة العاقة».
اختلفوا بالسياسة، فطردوا المرأة من حضن العائلة. لم يفعلوا لأنها اختارت ان تكون عسكرية وضابطا طيارا، وهو خيار يتضمن كسرا لكثير من الأفكار السائدة المسبقة والتابوهات.
 وردّة فعلهم تلك تتعارض مع ما قالته وكالة الصحافة الفرنسية بأنّ ضابطاً في التحالف الدولي لضرب «داعش»، عبّر عن مفاجأته عندما اتصلت به الرائد المنصوري لطلب إعادة تعبئة الوقود في الجو. امرأة عربية هناك؟؟ «المتحضّرون»!

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...