صور فلسطين المزوّرة

طفلة لا يتعدّى عمرها الأشهر تتوسّط كادر الصورة ويداها مرفوعتان ومربوطتان أعلى صدرها بقصاصة قماش بيضاء. عيناها شبه مغمضتين، ورأسها هو الآخر مغطى بقماش أبيض. الطفلة ميتة، تجلس في كفنها، في الوقت الذي تظهر الصورة يدان لرجل راشد أعلى رأسها تعتنيان بتفصيل غير ظاهر.الصورة متداولة والسبب الحرب الأخيرة على غزة، والهدف إظهار وحشيّة الكيان الصهيوني الذي يقتل أطفالنا... وإلينا بالدليل

طفلة لا يتعدّى عمرها الأشهر تتوسّط كادر الصورة ويداها مرفوعتان ومربوطتان أعلى صدرها بقصاصة قماش بيضاء. عيناها شبه مغمضتين، ورأسها هو الآخر مغطى بقماش أبيض. الطفلة ميتة، تجلس في كفنها، في الوقت الذي تظهر الصورة يدان لرجل راشد أعلى رأسها تعتنيان بتفصيل غير ظاهر.
الصورة متداولة والسبب الحرب الأخيرة على غزة، والهدف إظهار وحشيّة الكيان الصهيوني الذي يقتل أطفالنا... وإلينا بالدليل «صورة أصغر شهيدة في غزة».
فعليّاً الصورة هي للشهيد الطفل محمد يوسف الشوا من مدينة دوما/سوريا، الذي قيل أنه استشهد بسبب نقص الغذاء والدواء في الغوطة الشرقية. إنّها إذا العودة (الاعتيادية) للاستعانة بصور كاذبة/غير حقيقية، لجلب التضامن والدعم. استنفر بعض الشباب في محاولة لوقف تداول الصورة، وأرفقوا دعوتهم بخطوات لا بدّ منها قبل نشر أي شيء، للتأكّد من صحتها، علّنا «لا نقدّم خدمات مجانية للعدوّ». فهذه أطباق من ذهب نحملها بأيدينا لإسرائيل، كي تكون شمّاعتها في تكذيب كل ما يصدر عنا من إعلام وأخبار، تكذيب سريع مسنود بدليل واضح. تكفي قصة واحدة مشابهة لضرب مصداقية كلّ ما نخرج به إلى العالم. ربّما تكون «العاديّة» التي بتنا وبات العالم بأجمعه يتعامل بها مع الموت والدمار والقتل وصور الشهداء وبكاء ذويهم وقصصهم، هي ما تدفع إلى البحث عن أيّ جديد استجداءً للتضامن، أو لإحداث صدمة.
لا حاجة. فينا ما يكفينا في غزة. خطّ إلى بؤس وهمّ وحزن لا ينتهون:
هل رأينا صور الدكتور أنس أبو الكاس؟ الرجل مات والداه في حرب غزة 2008 ولم يتمكن من رؤيتهما حينها، لأنه كان يدرس في الخارج. في هذه المرة مات أنس.
هل رأيتم صورة القبور المحفورة والمجهزة لاستقبال جثامين عائلة آل البطش؟ 18 قبراً مرصوصة بالتتابع بأسقف مفتوحة، ومن حولها تصول جثث بشريّة (تنتظر موتها) للمشاركة في دفنهم، بينما يقبع 45 جريحاً من قصف منزل العائلة.
هل رأيتم صورة أنس قنديل (19 عاماً)، جالساً أعلى حفة خشبية ضاحكاً وفاتحاً يديه على وسعهما؟ أنس كتب على صفحته الخاصة على فايسبوك، قبل ساعة واحدة من قصف بيتهم وموته مع والده: «يا رب ارحمني، إلي من مبارح ما نمت، خلصونا اقصفوا الدار #نعسااان». أنس النعسان مات وانتهت قصّته وبقيَت لنا وللعالم صورته باسماً وتدوينته.
هل رأيتم فيديو الطفلة ميسم؟ الطفلة التي تحاول عبر فيديو مصور إخبار العالم، بلغة انكليزية، أنها طفلة عمرها عشر سنوات، فلسطينية من غزة ما زالت حيّة إلى الآن، وأنها ليست إرهابية، طالبةً ألاّ تقتل وأن تأخذ فرصتها بالحياة.
هل رأيتم نقاشاً أسفل صور عزاء عائلة آل حمد التي فقدت ستة من أبنائها (ثلاثة آباء وثلاث نساء)؟ تسأل إحداهنّ «ضلّ عايش كنعان عمره ست سنوات؟». يردّ عليها شاب: «أعتقد أن الولد هو الناجي الوحيد من العائلة». يخمّنون الحياة والموت.
لا حاجة للاستعارة من قصص بؤس أخرى، ولا لتزوير صور ونسبتها إلى فلسطين: واقع فلسطين يكفي نفسه بنفسه. واقع أفظع من الخيال.

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...