تنويعات على سيناريو "بن علي"

في تونس اليوم، شاب يقف بجانب عربة ممتلئة بالخضار، رافعاً صوته ومنادياً على بضاعته. قررت الشرطيّة فادية حمدي، مصادرة بضاعته بل وصفعته على الملأ.عاد الشاب إلى منزله مسحوقاً من انعدام الحياة الكريمة له. كان بائسا إلى حد الرغبة بالموت، ولكنه لم ينتحر. زين العابدين بن علي، رئيس البلاد، يستمرّ للعام السابع في محاولة حجب المواقع الالكترونية. أمّا الفساد وعمليات النهب في الادارات العامّة فجارية على

في تونس اليوم، شاب يقف بجانب عربة ممتلئة بالخضار، رافعاً صوته ومنادياً على بضاعته. قررت الشرطيّة فادية حمدي، مصادرة بضاعته بل وصفعته على الملأ.
عاد الشاب إلى منزله مسحوقاً من انعدام الحياة الكريمة له. كان بائسا إلى حد الرغبة بالموت، ولكنه لم ينتحر. زين العابدين بن علي، رئيس البلاد، يستمرّ للعام السابع في محاولة حجب المواقع الالكترونية. أمّا الفساد وعمليات النهب في الادارات العامّة فجارية على قدم وساق. وأعداد سجناء الرأي تخطّى ال1800 سجين. ويستمرّ هرب المعارضين من البلاد، وطمس أي صوت أو حراك معارض. وتستمر أجواء المراقبة البوليسية اليوميّة، لدرجة اعتبارها قدراً من قبل التوانسة. يتعايشون مع التنصّت على هواتفهم والرقابة على الانترنت وغيرها من عمليات انتهاك خصوصيّاتهم. يخططون لاضرابات، كذاك الذي جرى في الحوض المنجمي قبل ثلاثة اعوام.
ولكن الرئيس التونسي يحتفل بيوبيله البرونزيّ، عامه الـ25 في الحكم. منذ العام 1998 هو مصنف ضمن الرؤساء العشرة الأوائل في العالم في معاداة حرية الصحافة. كلّ عام وأنت بخير، سيادة الرئيس!
هل حقا كان بن علي ليستمر لولا لم ينتحر البوعزيزي؟

***

المظاهرة الكبرى التي احتشدت يوم «14 جانفي» في شارع الحبيب بورقيبة، غيّرت طريقها. توجه المتظاهرون إلى قصر قرطاج في الضاحية الشمالية من العاصمة. وصلوه بغضبهم وشعاراتهم المطالبة باسقاط النظام. تعاظم غيظهم بعد قيام الأمن بالاعتداء عليهم فاقتحموه. تمكّنوا من نزع رئيسهم شخصياً عن كرسيّه. لم يسحلوه. سلّموه إلى القوات الأمنية المعارضة. زُجّ زين العابدين بن علي في السجن، وبدأ رفع الدعاوى القضائية ضدّه.
منذ يومين، مرّت الذكرى الثانية على اعتقاله. والمحكمة التونسية تواظب على تفريغ سنوات حكمه الـ23، واخراج جرائمه الى العلن بهدف اجراء «محاكمة عادلة». يتابع الرئيس الحياة السياسية في بلاده، ويهتمّ بشكل استثنائي بمحاكمة حسني مبارك. منذ أسبوعين، شاهد مقتنياته الخاصّة وأغراضه معروضة للبيع في مزاد علنيّ. يسعى لاعتبار ارتفاع معدّل البطالة بنسبة خمسة في المئة في السنتين الماضيتين، دليلاً على ضرورته هو.
هل حقا كان الناس ليتركوه سليماً بينما انقذ الجيش المصري مبارك، أم كان مصيره سيشبه مصير زميله القذافي؟

***

يقيم اليوم بن علي في منفاه في السعودية. وافقت السعودية على تسليم الرئيس المخلوع إلى الحكومة التونسية الجديدة. المحاكمة ستكون علنيّة، والتونسيون يواكبونها باهتمام وينتظرون الحكم النهائي. يحاول بن علي رمي التهم عنه لكن دون جدوى.
يستمر التونسيون في حراكهم. يدركون أنّ خلع بن علي يوجب خلع كثيرين غيره، وأنّ مأساتهم التي أنتجها النظام السابق تحتاج كثيراً من الوقت والعمل.
ويتساءلون عن تونس التي يريدونها، والتي لم تتبلور بعد، رغم التغيير. لم يعد بن علي هو الموضوع.

***

بن علي لاجئ في السعودية. منذ يومين احتفلت تونس بالذكرى الثانية لخلعه. ما زالوا يطالبون باستعادته، في الوقت الذي يجهدون لاستكمال ثورتهم وتحقيق مطالبهم. يؤسفهم أن المرزوقي طالب باسترجاعه بحجة اضطهاده الإسلام وتدنيس القرآن، وسرقة أموال شعبه... فحسب.
من منفاه يتفرّج الرجل على الدولة التي حكمها على مدى أعوام. مشاهد كثيرة مرّت. مبارك، القذافي، علي عبد الله صالح، حمد بن خليفة، والأسد...وغيرهم اقل إثارة. تعدّدت النماذج والتجارب، والعالم العربي انقلب رأساً على عقب.
سيحفظ التاريخ لبن علي أنه أوّل الرؤوس التي هوت. لم يتعنت، لخوف في نفسه أو لضعف ...لا يهم. يكاد المرء يميل إلى شكره على ذلك.

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...