فلسطين: عدالة أم انحياز؟

في جديد الممارسات الإسرائيلية، اعتقال الناشط الحقوقي حسن كراجة. فجر يوم الأربعاء الماضي، توجهت القوات الإسرائيلية إلى قرية صفا في رام الله. وكالعادة، اقتحمت المنزل بعد تفجير الباب. عبثت بالمحتويات وصادرت أجهزة كمبيوتر خاصة بالعائلة وجوالات وعدد من الحقائب. غيّر الاسرائيليون معالم البيت بعد تكسير محتوياته. في نهاية الجولة، استدعوا الأخ الأكبر في العائلة، حسن، عصّبوا عينيه وربطوا يديه

في جديد الممارسات الإسرائيلية، اعتقال الناشط الحقوقي حسن كراجة. فجر يوم الأربعاء الماضي، توجهت القوات الإسرائيلية إلى قرية صفا في رام الله. وكالعادة، اقتحمت المنزل بعد تفجير الباب. عبثت بالمحتويات وصادرت أجهزة كمبيوتر خاصة بالعائلة وجوالات وعدد من الحقائب. غيّر الاسرائيليون معالم البيت بعد تكسير محتوياته. في نهاية الجولة، استدعوا الأخ الأكبر في العائلة، حسن، عصّبوا عينيه وربطوا يديه واقتادوه إلى مركز تحقيق المسكوبية دون توجيه أي تهم رسمية له.
معروفٌ عن كراجة نشاطه في مجال حقوق الإنسان. تطول لائحة الجمعيّات التي يعمل معها، من «الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري»، وصولاً إلى مشروع «الشراكة من أجل التنمية»... واحتلّ كراجة في وقت سابق منصب سفير الشباب العربي في فلسطين، ومثّلهم في مؤتمرات وندوات عالمية.
وكان الاحتلال قد اعتقل، منذ أشهر، أخاه الأصغر منتصر. أمّا أخته صمود، فهي الأسيرة المحرّرة التي خرجت في صفقة تبادل للأسرى. جديّاً، هلاّ ابتكر الإسرائيليون سجوناً عائلية؟ هكذا تكون محاكمتهم أفضل وأسرع، وملفّاتهم أكثر تنظيماً.
حتى الآن لم يسمح الاحتلال بلقاء بين حسن ومحاميه. ولا اتهامات واضحة. بل كالعادة اعتقال تعسّفي. لم يأبه الإسرائيليون لضرورة «تركيب» تهمة، فتكون حجّتهم التبريريّة. الفلسطينيون اعتادوا على العسف، ولكن يبدو أن العالم بأسـره اعتاد عليــه أيضاً. فما جرى لم يدفع أحداً إلى اتّخاذ موقف قاطع. لا اكتراث، رغم أنّ الشاب ناشط في مجال حقوق الإنسان ومعروف على مستوى عالمي. ولعله يُفترض ـ منطقياً ـ بأن نشاطه كفيلٌ بحمايته أو تأمين الدعم له، في حال وقوعه بأزمة مشــابهة. فما الفارق في النتائج بين مسلكه ومسلك من يختار الكفاح المسلح مثلا ليثور؟ حسن كراجة ما زال في السجن ولم تُسمع أصوات مستنكِرة.
في الحقيقة لم يعد المطلوب العدالةً. أصلاً ملّ الفلسطينيون من تكرار لازمتهم. وهل يمكن لاحتلال من صنف الاستيطان الإسرائيلي أن يكون عادلاً؟ هذه تعابير للاستهلاك الدبلوماسي. بل المأمول هو «الانحياز». وقصة حسن هي مثال على ذلك. هي مظهر يتطابق مع الطور الراهن من النضـال الفلســطيني، بعدما أغلق ملف «التســوية التاريخية» أي العملية الســلميـة، وبات المطلوب ليس المحاجة من ضمن المنطق الإسـرائيلي نفسه بل بشكل مســــتقل عنه: حسن كراجة معتقل تعسفيا لأنه فلسطيني «واع» لفلســطينيته، وليس لأنـه قام بعمل خطير أو «أرهابي». تلك هي المعادلة الســائدة اليوم. بانتظار أن يعتـقل المرء لأنـه فلسـطيني والســلام، أي «بيــولوجيا»، وهو المعنى العميــق لمطالبة الإســرائيليين الفلســطينيين الاعتراف بالطابع اليهودي لدولتهم.
انحصرت التحرّكات «المستنكرة» بالشباب الفلسطيني، وبعض التجمّعات. هناك صفحة على فايسبوك تطالب بالحرية للشاب والإفراج السريع عنه، وهاشتاغ على تويتر يحمل اسمه #حسن كراجة. هذا ما يمكن للمنحازين الى حسن ونشاطاته أن يفعلوه. فمن يسمع صرختهم، ويضيف بعض طاقته إلى ما تمكنوا منه؟
            
 

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...