رسائل نسائية

اكتملت عناصر الحصار. لم تعد المرأة السعودية في مأمن من عين الرقابة، حتّى عند مغادرتها البلاد. حرص المملكة على «مواطناتها» دفعها إلى تجيير التكنولوجيا في خدمة القمع والتعسف. ليس جديداً أنّ النساء في السعودية لا مجال لهنّ للتحرّك. مقيّدات محاصرات ومقموعات. تتسلّط عليهنّ لجنة «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ولو أن بعضهن يقاومنها. أمّا الحجّة الأساس فهي

اكتملت عناصر الحصار. لم تعد المرأة السعودية في مأمن من عين الرقابة، حتّى عند مغادرتها البلاد. حرص المملكة على «مواطناتها» دفعها إلى تجيير التكنولوجيا في خدمة القمع والتعسف. ليس جديداً أنّ النساء في السعودية لا مجال لهنّ للتحرّك. مقيّدات محاصرات ومقموعات. تتسلّط عليهنّ لجنة «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ولو أن بعضهن يقاومنها. أمّا الحجّة الأساس فهي «الدين» بل الله، السلطة الأعلى التي إن حاججْتَ في أحكامها ستُحال تلقائيّاً إلى منصب الكفر. مهمّتهم «خنق» النساء بأمر من الله، هكذا هم يقولون. يتناسون «بالحُسنى»، ويردّدون بلا كلل «الرجال قوّامون على النساء».
في آخر الإبداعات، رسائل نصيّة تبلغ أولياء الأمور بتحركات بناتهم عند المنافذ الحدودية. على الرغم من أنّ حركتهنّ مرهونة أصلاً بـ«ورقة صفراء»، لا يمكن لأي امرأة مهما بلغ سنّها أو مركزها الاجتماعي التحرّك إلى أي نقطة من دون إبرازها. بدأ تطبيق هذه الخدمة، وبات لكلّ محرم ولو كان برفقة محرمه، الحقّ برسالة هاتفيّة تبلغه فيها سلطة الجوازات بأنّ المرأة «خاصّته» غادرت الأراضي.
لا يمكن ربط هذا التخنيق والقمع المتزايد، إلاّ بحصول حالة هذيان عامّة. ما يحصل في المملكة يطال مجتمعاً بكامله، ذكوراً وإناثاً. لكن كون المرأة هي الحلقة الضعيفة اجتماعيّاً، فقد طالتها الأذيّة الأكبر. أمّا حالة الهذيان فيمكن ربطها بمسألتين. الأولى هي عبارة عن كبت وانغلاق، اساسهما قناعة تامّة بأنّ المرأة هي مجرّد آلة جنسيّة لا تستثير إلاّ الشهوات، لذلك وجب تعليبها ووضعها على الرفّ، يستخدمها من يملكها. الثانية تعبّر عن الخوف من قدرة كامنة لدى هؤلاء النسوة على التغيير الحقيقيّ، أو أقلّه إحداث توازن جديد في اللعبة السياسية الإصلاحية.
تُضاف هذه الرسائل النصيّة على الاهانة القائمة لنساء السعودية في بلادهن. تماماً كما تفعل دعوة مفتي السعودية إلى تفضيل البصمة في بطاقات الفتيات الجامعية على الصور الشخصيّة! لا أسوأ من شخص يخطر في باله أنّ صورة شمسيّة قد تحرّض على الفتنة وتثير الشهوات!
يفضل كثيرون تعداد المسموح في السعودية. لكن لا بدّ من مرور سريع على ممنوعات النساء: ممنوع قيادة سيارة، ممنوع إنجاز المعاملات بمفردها، ممنوع مغادرة الأراضي السعودية من دون إذن، ولا الجلوس إلى الانترنت من دون محرم... تطول اللائحة التي انكسر أحد بنودها، عبر منح المرأة السعودية الحقّ في الانتخاب عام 2015، على أمل عدم التراجع بحجّة حُرمة تنقّل «العورة» بين الصناديق.
تبقى المفارقة في أنّ أصحاب نظريّة «الرسائل الهاتفيّة» للتبليغ، هم أنفسهم من يملكون أدوات «الفسق والفجور» (حسب رأيهم) في العالم العربي. ذكور السعودية يموّلون قنوات الغناء والرقص والترويج للدعارة، بينما يسعون في بلادهم إلى طمس أي صوت أو حسّ أنثويّ. أهو فصام؟ بل هو انسجام تام بين وجهين متكاملين.
            
 

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...