«شجرة فوبيا»

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً، وتُعتبر مزاراً لأتباع الطائفة الأيزيدية. الفعلة تتجاوز تهديد وجود الأقليات، وهموم الحفاظ على البيئة، والأمكنة التراثية. هو سلوك يلامس الخوف من الرموز، لا الدينية فحسب، بل تلك التي
2013-11-27

شارك


قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً، وتُعتبر مزاراً لأتباع الطائفة الأيزيدية. الفعلة تتجاوز تهديد وجود الأقليات، وهموم الحفاظ على البيئة، والأمكنة التراثية. هو سلوك يلامس الخوف من الرموز، لا الدينية فحسب، بل تلك التي تختصر ما يمت إلى ذاكرة المجتمع السوري بصلة، على الصعد الوطنية كما المحلية. فـ«داعش» لا تستسيغ ما نعرفه عن الاجتماع السوري في المدن الكبرى وقرى الداخل والأطراف. لا تستسيغ هذه الصيغة من الإسلام المتسامح مع أقليات دينية لم نكن نسمع بوجود بعضها قبل الانتفاضة السورية. لا تستسيغ كذلك تاريخَي سوريا الوسيط والحديث اللذين ثبّتا ملامح كثيرة من الإسلام الصوفي في التديُّن السوري. لذلك يأتي انتقام «داعش» على صورة اختيار ما يتيسّر من بنك أهداف لا ينضب، ليس رأسا أبو العلاء المعرّي في معرة النعمان والخليفة العباسي هارون الرشيد في الرقة سوى عيّنات عنها.
لكن لا شيء كقطع شجرة أطمة، لا لشيء سوى لأنها مجرّد شجرة. لا هي كنيسة يؤمن بها الملايين ممن تراهم «داعش» كفرة مشركين، ولا هي رأس فيلسوف وشاعر ألهم ولا يزال الملايين بفكره لا بدينه، ولا هو رأس خليفة كان يجمع في حكم امبراطوريته ما بين خلافة الدولة الإسلامية واحتضان الشعراء والعلماء والفقهاء والأطباء والموسيقيين. هكذا تبدو أهداف «داعش» أكبر بكثير من الانتقال إلى مرحلة ما بعد حكم «البعث» في سوريا، وأكبر بكثير من العودة إلى تاريخٍ سوري ما، بما أن سوريا لم تكن يوماً مثلما تريدها «داعش» تلك. تبدو أهدافها كبيرة وضحلة في آن، لدرجة أنّ «شجرةً مقطوعة» على الحدود السورية ــ التركية باتت تختصرها.
هي مجرّد شجرة، تماماً كالشجرة التي قطعتها قوات النظام السوري في الزبداني قبل ما يقارب العامين. كانت تلك شجرة قرّر أهل البلدة أن يحتفلوا في ظلها بأول عيد رأس سنة وميلاد وهم خارج سلطة النظام السوري، فقاموا بتزيينها لتكون «شجرة ميلاد الحرية»، وفق ما أسموها في حينها. وفي مطلع العام 2012، وعند عودة القوات النظامية إلى البلدة بعد دكّها، كان قطع تلك الشجرة أول ما فعلته، لكن ليس بمنشار شبيه بأدوات عمل «داعش»، بل بأدوات أكثر «حداثة»، أي بالدبابات وبتمارين الرماية عليها. كان انتقام بحجم ما اكتسبته شجرة الزبداني من رمزية، لكن هذه المرة ليس على طريقة الرموز التي لا يستسيغها «فكر داعش»، بل كرمز لصيغة جديدة من التاريخ السوري المعاصر.

للكاتب نفسه

ليبيا وضحكة القذّافي

أرنست خوري 2013-11-13

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....

مصر: إعادة صياغة الأسطورة 

أرنست خوري 2013-10-09

كانت الاحتفالات المصرية يوم الأحد الماضي بالذكرى الأربعين لـ«نصر أكتوبر»، مختلفة. وذلك صحيح حتى بمقاييس ما أحاط بالمناسبة عند اغتيال أنور السادات خلال إحيائه الذكرى الثامنة لذلك «النصر» (الذي كان...