نمر النمر والظلم اللامذهبي

للصراع السياسي السني ـ الشيعي أوجه متعدّدة. أحد أسوئها هو ذلك المتعلق بسعي طرفي الاستقطاب، السعودية وإيران، للفوز في مسابقة «مَن يربح جائزة الوحشية؟». وللوحشية بدورها أنواع وأصناف، أخطرها على الإطلاق ذلك المشرَّع في القوانين والدساتير والمراسيم.قبل أيام، بدأت محاكمة رجل الدين الشيعي البارز في السعودية، نمر باقر النمر. مناسبة استغلّها الادّعاء العام (ممثل الحق العام، أي
2013-04-03

شارك

للصراع السياسي السني ـ الشيعي أوجه متعدّدة. أحد أسوئها هو ذلك المتعلق بسعي طرفي الاستقطاب، السعودية وإيران، للفوز في مسابقة «مَن يربح جائزة الوحشية؟». وللوحشية بدورها أنواع وأصناف، أخطرها على الإطلاق ذلك المشرَّع في القوانين والدساتير والمراسيم.
قبل أيام، بدأت محاكمة رجل الدين الشيعي البارز في السعودية، نمر باقر النمر. مناسبة استغلّها الادّعاء العام (ممثل الحق العام، أي الدولة) لطلب تطبيق «حدّ الحرابة» بحق النمر، وهي أقصى عقوبة قتل تطبّقها المملكة، تقضي بقطع الأرجل واليدين والصلب، وتُنفذ عادة بحق «أكثر من يفسد في الأرض». نعم، لا يزال هناك عقوبة... صَلب في السعودية، (تماماً مثلما لا يزال هناك رجم بالحجارة حتى الموت في إيران، غالباً ما يُطبَّق في قضايا «الزنا»). وحشية مستمدّة من عصور ما قبل الاسلام، وثُبِّتَت في قوانين وضعية، ويُراد تطبيقها اليوم على رجل دين سعودي بتهمة «إثارة الطائفية والتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية والتطاول على قادة دول الخليج والعلماء». للشيخ النمر تاريخ طويل مع الاعتقالات في المملكة، كانت تعْقب كل جولة منها حالة اضطراب كبير في القطيف وباقي المدن والبلدات ذات الغالبية الشيعية. وله أيضاً سجلّ حافل من التصريحات والمواقف النارية بحق زعماء المملكة وسائر حكام الخليج، ويُحسَب له تنبهه إلى تفادي مهاجمة هؤلاء على اعتبارهم من المذهب السنّي، بل لمجرد كونهم ظالمين. وبهدف تجريد الظلم من الهوية الطائفية، اضطرّ إلى تخصيص خطبة كاملة، باتت شهيرة على موقع «يوتيوب»، بتاريخ 30 كانون الأول/ ديسمبر 2012، من بين ما يقول فيها إنّ «الظلم مبغوض. أنت شيعي، لا تظلم سنياً... لا بد أن يجتمع المظلومون مع بعضهم ضد الظالمين... آل خليفة (في البحرين) ظَلَمة والسنة بريئة منهم... آل الأسد في سوريا ظَلَمة والتشيع بريء منهم». هذه العيّنة من المواقف التي يُحاكَم عليها النمر توضح حجم الورطة التي يشكّلها الرجل بالنسبة للنظام السعودي. لذلك كان لا بدّ من اعتماد وسيلة جديدة معه، وهي جعله فاقداً للأهلية العقلية، فقال عنه وزير الداخلية السعودية أحمد بن عبد العزيز إنه «مشكوك في عقليته، والطرح الذي يطرحه ويتكلم فيه بهذه الصفة يدل على نقص في العقل أو اختلال».
في النهاية، يُستبعَد تطبيق العقوبة المذكورة بحق الشيخ، إلا إذا كان تيار الأصوليين في الحكم السعودي قد أحكم أقبضته بالكامل على قرار المملكة، وتناسى ما لنمر باقر النمر من شعبيةٍ تهدّد بإقامة الدنيا من دون إقعادها فيما لو تمّ ارتكاب حماقة مماثلة. أغلب الظنّ أن مساومة ستجري على عدم تنفيذ حدّ الحرابة بحق الشيخ، لكن ذلك لن يمحو عار استمرار وجود مثل هذه الأحكام «القضائية»، وعار استمرار مثل هذه الأنظمة فوق الرؤوس.
           


وسوم: العدد 39

للكاتب نفسه

«شجرة فوبيا»

أرنست خوري 2013-11-27

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...

ليبيا وضحكة القذّافي

أرنست خوري 2013-11-13

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....