حين يأكل الريع نفسه

تغييرات بنيوية كثيرة طرأت على مفهوم الريع والأنظمة الريعية ومعايير تصنيفها، لكنّ تعريف التوظيف كأداة لتعزيز زبائنية السلطة واستقرارها وشراء ولاء الرعايا، ظلّ ثابتاً في جميع تعريفات الريع. وقد استقرّ التعاطي من هذا المنظور مع خلق الوظائف في القطاع العام داخل دول مجلس التعاون الخليجي. ومع انطلاق الانتفاضات العربية عام 2011، بدا أن سلطات دول مجلس التعاون قرأت جيداً خطر ملامسة تلك الحركات
2013-08-14

شارك

تغييرات بنيوية كثيرة طرأت على مفهوم الريع والأنظمة الريعية ومعايير تصنيفها، لكنّ تعريف التوظيف كأداة لتعزيز زبائنية السلطة واستقرارها وشراء ولاء الرعايا، ظلّ ثابتاً في جميع تعريفات الريع. وقد استقرّ التعاطي من هذا المنظور مع خلق الوظائف في القطاع العام داخل دول مجلس التعاون الخليجي. ومع انطلاق الانتفاضات العربية عام 2011، بدا أن سلطات دول مجلس التعاون قرأت جيداً خطر ملامسة تلك الحركات الاحتجاجية ربوعها (حتى قبل وصولها إلى عقر دارها في البحرين)، فأنفقت الدول الست مجتمعةً 2400 مليار دولار في ذلك العام على شكل استثمارات لخلق وظائف جديدة لمواطنيها. لكن ذلك لم يمنع انفجار حالات اعتراضية واحتجاجية في معظم دولها، بما أن هذا المبلغ الهائل لم يخلق حتى رِبع الوظائف المطلوبة لامتصاص اليد العاملة الجديدة، في ظل استمرار عجز رواتب القطاع الخاص عن منافسة نظيرتها في القطاع العام. ففي الإمارات مثلاً، لا يزال الموظف الحكومي يتقاضى راتباً بمعدل يزيد 700 في المئة عن راتب الموظف في القطاع الخاص. إنها جزء من خلاصات وإنذارات صدرت آخرها عن صندوق النقد الدولي في تقريرٍ له مطلع الصيف الجاري، أوضح فيه أن معدّل النمو في دول مجلس التعاون بلغ 7.5 في المئة في العام 2011، متوقعاً ألا يتجاوز هذا العام 3.7 في المئة، جازماً بأنّ العاملَين الرئيسيَّين للأزمة هما القطاع النفطي (تناقص كميات الانتاج وزيادة الطلب الداخلي عليه)، وفشل معالجة أزمة التوظيف.. باختصار، قال صندوق النقد إنّ النظام الريعي يأكل نفسه.
وما لم يوضحه تقرير الصندوق، قاله الفرنسي هوغو ميشرون، المتخصص بالاقتصادات الريعية لدول الخليج، في مقابلة الأسبوع الماضي مع صحيفة «ليبراسيون»: 94 في المئة من اليد العاملة القطرية موظفة في القطاع العام، بينما تبلغ هذه النسبة 90 في المئة في الامارات و75 في المئة في السعودية، بموازاة بقاء 25 في المئة ممن هم في سن أقل من 25 عاماً، عاطلين عن العمل في دولة كالسعودية، حيث 60 في المئة من المواطنين سنهم أقل من 20 عاماً.
يتوقع معظم الخبراء أن ترمي دول مجلس التعاون آلاف المليارات الإضافية لمحاولة خلق الوظائف الجديدة في القطاع العام، لكن هذه الوسيلة لن تكون قابلة للاستمرار بما أن دول مجلس التعاون (46 مليون نسمة) تسجّل حالياً، بحسب the economist intelligence unit، أعلى نسبة نمو ديموغرافي عالمياً. ولمَن لم يقتنع بصعوبة مواصلة اعتماد التوظيف كأداة لإبعاد شبح الاحتجاج، فليتذكّر أنّ دولة كالبحرين لم تتمكن من تفادي انتفاضة العام 2011، رغم أنها استحدثت آنذاك 20 ألف وظيفة عامة جديدة لمواطنيها.
لقد عاش النظام الريعي حين كان عدد المواطنين الخليجيين لا يتجاوز بضعة ملايين، وهو اليوم يفقد قوّته مع وصول عدد المطلوب شراء ولائهم إلى ما يناهز الخمسين مليوناً.

للكاتب نفسه

«شجرة فوبيا»

أرنست خوري 2013-11-27

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...

ليبيا وضحكة القذّافي

أرنست خوري 2013-11-13

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....