محمد بن الذيب العجمي

في 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ظنّ الشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي أنّ تمويل ودعم دولته قطر لعدد من الانتفاضات العربية، قد يكون مؤشراً إلى نيّة في إرساء حرية ما في الإمارة الخليجية. لم يفهم الرجل أنّ استثناء انتفاضة البحرين وتحركات المنطقة الشرقية في السعودية من نعمة التغطية المباشرة لفضائية «الجزيرة» مثلاً، وتضامن الدوحة مع المنامة ضدّ غالبية الشعب البحريني، يؤكّد المؤكَّد:
2012-12-12

شارك

في 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ظنّ الشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي أنّ تمويل ودعم دولته قطر لعدد من الانتفاضات العربية، قد يكون مؤشراً إلى نيّة في إرساء حرية ما في الإمارة الخليجية. لم يفهم الرجل أنّ استثناء انتفاضة البحرين وتحركات المنطقة الشرقية في السعودية من نعمة التغطية المباشرة لفضائية «الجزيرة» مثلاً، وتضامن الدوحة مع المنامة ضدّ غالبية الشعب البحريني، يؤكّد المؤكَّد: العقل السياسي الخليجي الرسمي هو نفسه في سائر دول المنطقة من ناحية حكم البلد بمنطق المُلكية الخاصة، وتوزيع الريع مقابل عدم الاقتراب من النشاط في الشأن العام، والتكرّم بالمنن للرعايا، لا التسليم بالحقوق للمواطنين.
قطر، تلك الدويلة التي تسعى لسرقة النجومية الخليجية في السياسة والاقتصاد من جارتها السعودية، والمصابة بداء العظمة، سجّلت قبل أيام عاراً صدّقت عليه سلطاتها القضائية: حُكم قضائي جاء بسطرَين، قضى بالسجن المؤبَّد بحق الشاعر محمد بن الذيب العجمي، وكل ذلك في غضون جلسة لم تدم أكثر من خمس دقائق. «التهمة»: تلاوة العجمي قصائد تتضمّن تعريضاً بأمير الدولة وزوجته، فوراً بعد تأدية قصيدة بعنوان: «الياسمين التونسي» تحيّة منه لما بدأ في ذاك البلد وتمدّد إلى حيث تمدّد. أيّد الرجل الثورة التونسية وسخر من أمير قطر، وهو ما يعني أنّه «دعا إلى تغيير النظام في قطر». هكذا ورد في متن الحكم، لذلك جاء القرار بالسجن المؤبد، علماً انه لكان حُكم بالسجن خمس سنوات كحدّ أقصى لو انه تم الاكتفاء بمحاكمته بتهمة «الطعن في ممارسة الأمير لحقوقه وسلطاته، أو عاب في ذاته». الفوبيا القطرية مستفحلة، فسُجِّلَ اعتقال دام لساعات بحق شاعر سعودي تجرّأ على زيارة صديقه العجمي في زنزانته.
طبعاً، لم يجد الخبر مساحة كبيرة في معظم وسائل الإعلام العربية، اللاهثة خلف التمويل الخليجي، أو الساعية لعدم إغاظته. اقتصر الأمر على تعليقات وإدانات منظمات حقوقية عربية وإقليمية، مع توقع أن يهتمّ الإعلام الرسمي السوري بالموضوع بحماسة على قاعدة «عدوّ عدوّي صديقي»!
لا فائدة كبيرة من تكرار عيوب المهزلة القضائية التي شابت المحاكمة القطرية، وهي اختصرتها «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» و«المفكرة القانونية» بستة عيوب من النوع الذي يبطل المحكمة من أساسها. لا فائدة من كل ذلك بما أنّ الحديث يدور عن إحدى دول «حالة الاستثناء».
مسكين محمد بن الذيب العجمي. غداً يفاوَض على إطلاقه وتصبح حريته مِنّة من الحاكم، مع انها حق له. تجرّأ على الإشهار بأنّ الانتفاضات العربية حلقات في سلسلة واحدة، فقُضي عليه، تماماً مثلما سبق لغيره أن رفع في سوريا شعار: من أجل تحرير فلسطين، يجب إسقاط النظام السوري... فكان ما كان.


وسوم: العدد 23

للكاتب نفسه

«شجرة فوبيا»

أرنست خوري 2013-11-27

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...

ليبيا وضحكة القذّافي

أرنست خوري 2013-11-13

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....