بانتظار شمس الغد الأفضل من انتفاضة جزائر المليون شهيد

المواطنين العرب، في مختلف اقطارهم، يعلقون على انتفاضة الجزائر الحالية آمالهم - احلامهم العراض، مستبشرين بأن تكون بداية لتاريخ جديد.
2019-03-27

شارك

هي الجزائر، من جديد، تحيي في المواطن العربي الأمل بالخروج من ليل اليأس والاستسلام للهزيمة وانظمتها العسكرية، مكشوفة او مموهة، إلى عتبات الغد الافضل بزخم الارادة الشعبية ووعيها بحقها في قيادة تعبر عنها وتسير بها إلى المستقبل الذي تستحقه بلاد المليون شهيد من اجل استعادة حريتها وحقها بالقرار في يومها ومن أجل غدها الافضل.

هي الجزائر التي قدمت النموذج الفذ في حرب التحرير ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، تخوض الآن التجربة العظيمة عبر الثورة الشعبية ضد الطغيان وحكم الرجل الواحد معززاً بالعسكر، للبلاد التي قاتلت الاستعمار الاستيطاني الفرنسي على امتداد سنوات طويلة، حتى استعادت هويتها الوطنية واستقلالها السياسي في ايلول/سبتمبر 1962، وانتخبت احمد بن بلّه كأول رئيس لجمهوريتها المستقلة.

هي الجزائر، من جديد، تسكن الشارع منذ شهرين او أكثر، رافضة التمديد مجدداً لرئيسها العاجز، جسديا وذهنياً، عبد العزيز بوتفليقة، والمندفعة نحو حق شعبها في أن يختار رئيسه ونظامه، وان يتخلص من حكم الرجل الواحد لمستند إلى "العسكر" بدلاً من الارادة الشعبية.

هي الجزائر التي نزل شعبها إلى شوارعها ليقيم فيها، منذ ستة اسابيع، رفضا للتجديد او التمديد، واصراراً على ممارسة حقه الشرعي في اختيار رئيس البلاد، ديمقراطياً وبالانتخاب بدلاً من التمديد المفتوح او التعيين بالأمر العسكري، وتغييب تاريخه الثوري المفرد وتقزيمه وشطب ارادته ليقرر بضعة جنرالات عنه وباسمه وكأنه قد ادى دوره بتحرير البلاد بالمليون شهيد الذين بذلوا دماءهم رخيصة من اجل استعادة هويتهم الوطنية ودورهم القومي في خدمة حقوق امتهم في الحرية والاستقلال وبناء الغد الافضل.

ولقد انتصر شعب الجزائر، حتى هذه اللحظة، على الرئيس العاجز فأجبره على التسليم بتقديم استقالته، ولكنه ما يزال يخشى من خداعه باستبداله بضابط جديد يكرس حكم العسكر في بلاد المليون شهيد.

وانه لمما يثير الحزن أن تنتهي الثورات العربية بأسرع مما كان مأمولاً.. وأبرز مثال تلك التي تصدرها الجيش ولكنها جاءت تعبر عن ارادة الشعب المصري، مثل "ثورة 23 يوليو" 1952، لا سيما بعد العدوان الثلاثي (الفرنسي - البريطاني - الاسرائيلي) في خريف العام 1956 الذي انتصرت عليه الأمة بقيادة جمال عبد الناصر، والذي أدى في نهاية المطاف إلى قيام اول دولة للوحدة العربية في التاريخ (الجمهورية العربية المتحدة) نتيجة اندماج سوريا مع مصر، في 22 شباط/فبراير 1958.

لكن تلك الوحدة التي سادها الارتجال، مع كونها تتضمن انجاز أعز الاحلام القومية، لم تعمر الا ثلاث سنوات ونصف، ثم اسقطتها الغفلة والنقص في الشعور القومي وتعاظم الاقليمية لدى المصريين خاصة، مما لم تنفع في التغطية عليه قوة الارادة الشعبية في تحقيق حلم الوحدة لدى السوريين.

على أن ذلك الانجاز القومي لم يُسقط الحلم، خصوصا وان ثورة الجزائر سرعان ما حققت انجازها التاريخي بإقامة الجمهورية الديمقراطية في البلاد التي قاتلت دهراً من اجل التحرر من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي الذي استطال لحوالي 132 سنة (تم انتخاب الرئيس الاول لجمهورية الجزائر الديمقراطية في الثاني والعشرين من ايلول/سبتمبر 1962، في اول برلمان للجزائر المستقلة، وكان – آنذاك - البطل الراحل احمد بن بلّه) .

وحين زار الرئيس جمال عبد الناصر الجزائر المستقلة، بعد اقل من سنة على تحررها، اضطر -مع بن بله - إلى استخدام سيارة الاطفاء، لاستكمال جولتهما وسط الملايين المستبشرة بالنصر واستعادة الهوية القومية والارادة الحرة.

ذلك من الماضي الذي لا يمضي.. فلكل مواطن او مواطنة عربية "دور ما" في نصرة ثورة الجزائر وتمكينها من إحراز النصر العظيم: كانت الامة العربية بجماهيرها الغفيرة تساند هذه الثورة العظيمة بما ملكت نساؤها (العقود والأساور الذهبية وكنزات الصوف وخواتم الخطوبة أو الزواج) والرجال بما يستطيعون من نقود، وبالتظاهرات التي جعلت فرنسا عدواً قومياً، مثلها مثل اسرائيل.

وبالتأكيد، فان المواطن العربي اليوم يعقد على الجزائر آمالاً عريضة بان تكون هذه الانتفاضة الشعبية العظيمة فيها بشارة بالغد الافضل التي أعجزت ظروف تونس شعبها من اكمال انتفاضته الشعبية العظيمة بتغيير ثوري شامل في العام 2010.

وكذلك فان هذا المواطن الذي عقد الآمال العراض على "انتفاضة يناير" 2011 في القاهرة وسائر مدن مصر وأريافها، قد فجع بتهاويها عشية انتصارها، نتيجة مصادرة الاخوان المسلمين لها في الانتخابات الرئاسية التي عاد الجيش فأسقط الرئيس المنتخب نتيجة لها، ليعود إلى السلطة ويبقى فيها حتى اليوم، بشخص الرئيس عبد الفتاح السيسي.

إن المواطنين العرب، في مختلف اقطارهم، يعلقون على انتفاضة الجزائر الحالية آمالهم - احلامهم العراض، مستبشرين بأن تكون بداية لتاريخ جديد يليق بثورة المليون شهيد في الجزائر، وملايين الشهداء والضحايا العرب في مختلف ديارهم بعنوان فلسطين، ومعها اليمن والعراق وسوريا وسائر الاقطار طلباً للحرية والاستقلال والقدرة على صنع الغد الافضل.

إن هؤلاء الملايين ينتظرون أن تُشرق عليهم شمس استعادة حقوقهم في أوطانهم وكرامتهم وسيادتهم عليها، واستعادة ثرواتهم المنهوبة لبناء غدهم الافضل، من ارض المليون شهيد: الجزائر.

مقالات من العالم العربي

عبد الله النديم، ثائر لا يهدأ

أشهرت البعثة البريطانية إفلاس مصر فى السادس من نيسان/ إبريل عام 1879. وفي أعقاب ذلك الإعلان، قام السلطان العثماني بعزل الخديوي إسماعيل وتولية ابنه "محمد توفيق باشا" على مصر بدلاً...

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...