حَسَنة في رمضان

عسى المباحثات حول اليمن التي ابتدأت في جنيف تنجح في إرساء وقف لإطلاق النار (مستبعد تماماً، فنحن غارقون في منطق "يا قاتل يا مقتول" الذي وجد له مصطلحاً سياسياً مودرن: الاجتثاث)، أو وعلى الأقل، هدنة لأيام بمناسبة "الشهر الفضيل" (ألستم مسلمين مؤمنين؟) تسهيلاً لوصول المساعدات والإسعافات لمحتاجيها، وتخفيفاً من القتل الجاري (لما لا؟ فهذا لن يغير شيئاً في إمكان استئناف القتال
2015-06-18

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
تمام عزّام - سوريا

عسى المباحثات حول اليمن التي ابتدأت في جنيف تنجح في إرساء وقف لإطلاق النار (مستبعد تماماً، فنحن غارقون في منطق "يا قاتل يا مقتول" الذي وجد له مصطلحاً سياسياً مودرن: الاجتثاث)، أو وعلى الأقل، هدنة لأيام بمناسبة "الشهر الفضيل" (ألستم مسلمين مؤمنين؟) تسهيلاً لوصول المساعدات والإسعافات لمحتاجيها، وتخفيفاً من القتل الجاري (لما لا؟ فهذا لن يغير شيئاً في إمكان استئناف القتال وتسجيل المكاسب الدموية، وإحاطتها بالحماسة المصاحبة والتشجيعية، كما في مباريات كرة القدم، فلا تقلقوا).
وأما في سائر الأنحاء، فلا عزاء للملايين في بلادنا المنكوبة الذين يصومون على وقع القذائف، ويفطرون في أماكن موحشة لجأوا إليها، وبزادٍ متسوَّل (كيفما كان شكل التسول).
إلا أن كل ذلك يتبع مصائر ليس بيد الناس العاديين التحكم بها، بل يقررها أمراء الحروب الذين نصبوا أنفسهم "ثواراً" (أو ما تشاءون من تسميات) وسلطات مستبدة فاسدة، مستعدة لخسارة الأرض بل الوطن نفسه مقابل الاستمرار في الحكم، مشخصَناً مُؤلَّهاً (استغفر الواحد الأحد).
بالمقابل، فيمكن للناس العاديين هؤلاء أن يُقْدِموا على حَسَنة كبرى بمناسبة حلول رمضان: أن يقاطعوا شركة "أورانج" لأنها شريكة لشركة "بارتنرز" للاتصالات في إسرائيل. هذه الأخيرة لديها برامج من قبيل "تبنَّ مقاتلا" و"سلاماً من الميدان"، وهي لا تمارسها كثرثرة دعائية بل تضعها موضع التطبيق، فتحضر في قطاع غزة أثناء عدوان الصيف الماضي (بالمناسبة، كان في رمضان)، لتسهيل عمل الجنود الإسرائيليين وتشجيعهم وإحاطتهم بالرعاية.
أورانج لديها 30 مليون مشترك في مصر لوحدها، عبر شركة "موبينيل" (98.9 في المئة من أسهمها ملك مباشر لأورانج). وهذا يفوق عدد مشتركيها في بلدها، فرنسا (27 مليوناً). وللشركة حضور في تونس والأردن والمغرب. وأما عدد مشتركيها في إسرائيل فلا يصل الى 2.5 مليون مشترك. وهي لا تريد، أو لا تجرؤ على الانسحاب من شراكتها مع "بارتنرز" الإسرائيلية (بينما تعريف رأس المال هو الحرص على الربحية).. أو أنها لا تؤمن بأن تلك الجموع العربية التي تمتلك اشتراكات لديها.. ستقْدم على أي شيء. ترى فيهم خِرفاناً. وهذا بيت القصيد: أثبتوا يا قوم إرادة ما وقدرة على الفعالية، وهو الطريق إلى سوى أورانج.
يمكن، بلا خطر التعرض للموت أو الاعتقال أو المساءلة (وهذه الضمانات صارت هنا رفاهية عظيمة)، وحتى بلا كلفة مادية، اللهمَّ سوى دقائق لإجراء إلغاء الاشتراك، وربما قروش تضيع في عملية الانتقال.. يمكن للملايين أن تنسحب من شركات أورانج. غير ذلك مهين.

 

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...