فوضى (بالمعنى العميق)

يوم الجمعة الفائت، أمضى الموقع الإخباري الخليجي الأكثر شهرة عربياً وعالمياً (ولو انه يتراجع باضطراد!) عدة ساعات صامتاً حيال تفجير المسجد الشيعي في بلدة القديح من محافظة القطيف، الذي ذهب ضحيته أكثر من 22 مصلياً عدا الجرحى، وعدا معنى وقوع مثل هذا الحادث لجهة المساهمة في تأجيج النار التي تلتهم المنطقة من المحيط إلى الخليج إلا قليلا، ولجهة إضرامها في السعودية نفسها.. الى أن قرر أولو الأمر هناك أن
2015-05-28

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

يوم الجمعة الفائت، أمضى الموقع الإخباري الخليجي الأكثر شهرة عربياً وعالمياً (ولو انه يتراجع باضطراد!) عدة ساعات صامتاً حيال تفجير المسجد الشيعي في بلدة القديح من محافظة القطيف، الذي ذهب ضحيته أكثر من 22 مصلياً عدا الجرحى، وعدا معنى وقوع مثل هذا الحادث لجهة المساهمة في تأجيج النار التي تلتهم المنطقة من المحيط إلى الخليج إلا قليلا، ولجهة إضرامها في السعودية نفسها.. الى أن قرر أولو الأمر هناك أن الحادث مُستنكَر ومدان، فاخبرنا الموقع بوقوعه.. بينما هو يتابع أخبار اليمن بالتفصيل، قائلا مثلا ولأيام متتالية في مانشيتته العريضة على الرئيسية أن «الضالع بيد المقاومة الشعبية»، فيما يعلم كل عاقل أن حرباً أهلية تدور في اليمن، وأن لها أبعاداً إقليمية جلية، وأن «المقاومة الشعبية» تعبير عام قد يجد الطرفان أنه ينطبق عليهما، بغض النظر عن كافة الملابسات التي رافقت انهيار الأوضاع في البلد المبتلى. ما الفارق بين الوفاء للمهمة الإعلامية ــ وإن بالحدود الدنيا ــ وبين الانحيازات «السياسية» ضمن حالة الاستقطاب القائمة، التي تُمارَس بطريقة بدائية جلفة؟ اختلاط قاتل وضياع للمعايير، يُعتد بها كأنها بديهيات.
وأما في مصر، المستقرة تعريفاً، فقد اختلط الحابل بالنابل، وانفتح الوضع على كل الاحتمالات والافتراضات، بما فيها الأكثر غرابة. وقد «نسينا» بلداناً ــ كليبيا مثلا ــ لم يعد ممكنا متابعة الصراعات الدائرة فيها.
ومن الطرف الآخر من العالم، علق مؤخرا وزير الدفاع الأميركي على احتلال داعش للرمادي بأن هناك «افتقادا لإرادة القتال» لدى الجيش العراقي. هكذا بلا مقدمات، في حكم قيمي متعالٍ، لم يلتفت الى كيفية وصول أوضاع الجيش العراقي ــ الذي حلَّه الأميركان عند احتلالهم للبلد ــ الى حالته الكارثية تلك. فاضطر نائب الرئيس الأميركي الى «تطييب خاطر» المسؤولين العراقيين.. ما لا يمنع استمرار اللغز المحير لجهة ترك قوات داعش تتحرك بحرية مطمئنة في صحارى مكشوفة جرداء، سواء نحو تدمر أو الرمادي، أو قبل عام إلى الموصل.. بينما تغدو تصريحات الرئيس الأميركي نفسه أكثر فأكثر شبهاً بتعليقات الصحافيين والباحثين: «كان ينبغي على دول حلف الناتو أن تنسق بينها أكثر». ولأنه ليس باحثا، فمثل هذا الكلام يعكس طبيعة «اللحظة» بوصفها فوضى عارمة تسود الخريطة السياسية للعالم.

 

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...