الانتقائيّة: الرّمادي مثالاً

تدحرجت المنطقة عموماً إلى أوضاع في غاية البؤس والمأساوية. يمكن التباحث في أسباب ذلك وكيفياته، بل وحتى تخيّل المخارج له على الرغم من قتامة اللحظة وإطباقها على الأنفاس. وقد تتوزع التوقعات على كل درجات التشاؤم والتفاؤل، بين مَن يقول إن المنطقة غارقة في حروب وتمزقات طويلة، ومَن يرى بالمقابل أنه بالرغم من كل الاضطراب الحالي، فهناك ملامح لجديد ولد ولن يمكن خنق ديناميته.. هذا نقاش مشروع وضروري، وإن
2015-04-23

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

تدحرجت المنطقة عموماً إلى أوضاع في غاية البؤس والمأساوية. يمكن التباحث في أسباب ذلك وكيفياته، بل وحتى تخيّل المخارج له على الرغم من قتامة اللحظة وإطباقها على الأنفاس. وقد تتوزع التوقعات على كل درجات التشاؤم والتفاؤل، بين مَن يقول إن المنطقة غارقة في حروب وتمزقات طويلة، ومَن يرى بالمقابل أنه بالرغم من كل الاضطراب الحالي، فهناك ملامح لجديد ولد ولن يمكن خنق ديناميته.. هذا نقاش مشروع وضروري، وإن بدا عصياً على بلورة نتائج قد تمكِّن من امتلاك أدوات فعّالة. وهو ليس ترفاً.
ولكن هذا الوضع، على ضبابيته الشديدة فعلاً، ليس متروكاً خارج تنظير محموم يتولاه سياسيون وإعلاميون مهيمنون، ومن "الطرفين"، بكثافة تشبه عمليات غسل الدماغ الجماعي. هناك مَن لا يكفّ عن تقديم تفسير للأحداث ــ كبيرها وصغيرها ــ من منظور الانشطار المذهبي فحسب، إلى درجة لا يعود يُعرَف معها ما إذا كان الواقع هو هكذا فعلاً وحصراً، أم أن هذه الرواية عنه تسبغ عليه طبقات إضافية من البغضاء المتبادلة. منذ أيام علا الصراخ عن منع سكان الرمادي من دخول بغداد من دون "كفيل". فهل يُعقل حرمان الناس المذعورين من خطر تقدّم "داعش" إلى قراهم وأحيائهم، أو من الاشتباكات الضارية في منطقتهم، من حقهم بالأمان؟ وهل يُعقل طلب كفلاء لأبناء وطن واحد من دون أن يوحي ذلك بأن التقسيم وراء الباب، أو أن الريبة المجنونة وصلت إلى أقصى مداها؟ وعلاوة على الأخبار عن منع أهل الرمادي من دخول بغداد، راجت روايات تآمرية، تارة عن كونهم حصان طروادة وطوراً عن تلكؤ الجيش العراقي عن دخول المنطقة ليتيح لـ "الحشد الشعبي" التقدم عليه، كنيّة مبيتة للغلبة. وطارت المزايدات. وعَنْوَن موقع بارز أن سكان الرمادي هم بين مطرقة "الحشد الشعبي" وسندان "داعش"! ليتبين أن أهل بغداد من الشيعة والسنة معاً، فتحوا بيوتهم للاجئين، وأن مجلس النواب قرر طَيّ أفكار "الكفيل" المريضة تلك.
هل يعني ذلك أن المذهبية كذبة لا وجود لها؟ بالتأكيد، لا! هي موجودة ونقيضها موجود. وليس المطلوب تجميل الواقع ولا الإخفاء أو الكذب، بل وقف تأجيج سعار سيئاته والحرص على تقديم حسناته والاحتفاء بها.. عسى تندحر الأولى وتتعزز الثانية، فيُصان الأمل والغد.    


وسوم: العدد 141

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...