عن ثورات لم تقل كل ما لديها

أقف (في هذا العمود!) بالقرب من النص الجميل الثاني الذي نخصصه للحدث الواقع منذ أربع سنوات، بينما كتبت النص الأول الذي افتتح السلسلة باحثة شابة من تونس، جامعة فيه متانة معرفتها مع ذلك الشغف الذي لا بد أن يميز الأدب السياسي وإلا غدا جافاً مضجراً لا يصل إلى القلوب ولا إلى العقول! وهو كان عن الباجي قايد السبسي الذي انتخب بالأمس رئيساً للجمهورية التونسية. وسنمر على اليمن وعلى أماكن أخرى صارت مسرحاً
2014-12-24

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

أقف (في هذا العمود!) بالقرب من النص الجميل الثاني الذي نخصصه للحدث الواقع منذ أربع سنوات، بينما كتبت النص الأول الذي افتتح السلسلة باحثة شابة من تونس، جامعة فيه متانة معرفتها مع ذلك الشغف الذي لا بد أن يميز الأدب السياسي وإلا غدا جافاً مضجراً لا يصل إلى القلوب ولا إلى العقول! وهو كان عن الباجي قايد السبسي الذي انتخب بالأمس رئيساً للجمهورية التونسية. وسنمر على اليمن وعلى أماكن أخرى صارت مسرحاً لأحداث هزت البَلادة التي كان الحاكمون يأملون باستدامتها. بل سنستنطق فلسطين لنعرف أثر ذلك كله عليها. وقد لا نوفَّق في تغطية كل ما نرغب به، ونحن مدركون لحدود قدرتنا، ولو أننا لسنا راضين بها ولا مستكينين لها.
الحدث ما زال يسير، طارحاً ثماراً بعضها مرٌ وبعضها الآخر لم يكن متوقعاً. هكذا هو التاريخ. بعكس الشائع عنه من قبل القطعيين الذين يريدونه أسود أو ابيض، مرتباً، منظماً، واضحاً بل وحتى "نظيفاً" (مما يمهد دائماً للفاشيات!). وهؤلاء، حين يكونون في السلطة، يسفكون الكثير من الدماء باسم هذه النظرة للتاريخ. وفي الحقيقة، فهم ساعتها منافقون، يستعيرون الحجج والمحاجات، ويتوسلون كلمات تحمل أكثر من معنى الخ.. وهم يفعلون ليس لغرض شكلي أو مجاني، بل للتغطية على دفاعهم عن شبكة من المصالح الهائلة والمادية جداً. فما "النظام" بوصفه عكس "الفوضى" لولا ذلك؟ ما هو سوى "إعادة إنتاج التراتبية الاجتماعية"، أو تجديدها مع بعض التعديلات في أحسن الأحوال، بحيث يُستثنى على أية حال من السلطة من لا "مكان" له فيها: الفقراء والحالمون، أي الأكثرية الساحقة من الناس. ليس الفعل السياسي سوى مجابهة هذه العملية الدائمة، ومحاولة إعادة تعريف "الأماكن". الثقة بالإنجاز تفترض الرضى بأنها عملية طويلة النفس، وأنها متشعبة ومتفاوتة، ويمكنها أن تحتار وترتبك.. بل وأن تواجه الهزائم والإحباطات. وهي أيضاً تفترض إعادة تشكّل الوعي العام المغسول بدهور من الخطابات الرنانة أو المهددة، وبقيم يتبارى على إشاعتها مثقفون "واقعيون" ومتحذلقون، ويعتبرونها "بديهيات".
.. الحدث ما زال يسير، طارحاً ثماراً بعضها حلو: المبادرات المتفلتة، ومقاومة الخضوع بكل الوسائل، وكمٌ مذهل من الإبداع ومن تجديد العقول... سنرى. فلعل. أليس التفاؤل عاطفة ثورية!

 

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...