تونس كمثال.. مجدداً!

نجح مجدداً المجتمع التونسي، الأهلي والسياسي، بتجنب السيناريو الأسوأ، وذلك بتنظيمه انتخابات نيابية هادئة، قلّت فيها الخروقات الى الحد الأدنى، وترشحت فيها 1300 لائحة رغم أن الاستقطاب الحاد كان سيد موقفها، بتنافس كتلتي «نداء تونس» والنهضة الإسلامية. فازت الأولى بأغلبية نسبية واضحة، فلا أغلبيات مطلقة وفق الهندسة التي اعتُمدت للنظام الانتخابي، وستكلف بتشكيل الحكومة بحسب
2014-10-29

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

نجح مجدداً المجتمع التونسي، الأهلي والسياسي، بتجنب السيناريو الأسوأ، وذلك بتنظيمه انتخابات نيابية هادئة، قلّت فيها الخروقات الى الحد الأدنى، وترشحت فيها 1300 لائحة رغم أن الاستقطاب الحاد كان سيد موقفها، بتنافس كتلتي «نداء تونس» والنهضة الإسلامية. فازت الأولى بأغلبية نسبية واضحة، فلا أغلبيات مطلقة وفق الهندسة التي اعتُمدت للنظام الانتخابي، وستكلف بتشكيل الحكومة بحسب الدستور المُقر مطلع هذا العام.
هنأ رئيس النهضة غريمه الفائز، ودعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لحمل البلاد خارج دائرة الخطر.
السلوك بمجمله حضاري، مسؤول، وطني، ولا غبار عليه. وكان قد سبق الواقعة الجارية اليوم التزام «النهضة» بعدم تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة (بعد شهر) تفكيكاً لتهمة الرغبة بالاستئثار بالسلطة، وسبقه أيضا استقالة الحكومة التي كانت «النهضة» شكلتها، والموافقة على حكومة غير سياسية تشرف على ما كان تبقى من المرحلة الانتقالية.
أن تمارَس السياسة وفق آليات سلمية وتوافقية، بات مطلباً تأسيسياً في العالم العربي.
أن يظهَر حزب يتبنى الفكر الاسلامي، ويثبت في الوقت نفسه أنه يحترم الآخر المغاير، فكرا ونهجاً، ويحترم الخيارات المجتمعية أياً كانت، ومنها تراجعه في صناديق الاقتراع، أمر لا يغطّي على أهميته شيء. وأن يتشكل تكتل عابر، بمعنى انه خليط يجمع اليمين واليسار، بغرض هزيمة «النهضة»، هو الآخر علامة على إجادة اللعبة السياسية. وهو قد يتفكك غداً ما دام حقق غايته، ولكن لا بأس، فقد وصل إليها سلمياً، ووفق الأصول. أن يكون بديلُ «النهضة» بورقيبيين وليس اليسار مثلاً، يثير أزمة هذا الأخير العميقة، وانكشاف هذا هو بذاته أيضا وأيضا جزء من إغناء قواعد الحياة السياسية، وفرصة للتفكير ولنحت خيارات، تماما كما ستذهب النهضة إلى ذلك بعد الفرصة التي نالتها على مدى ما يقرب من أربع سنوات، والعقوبة التي لحقت بها اليوم، لفشلها بتجسيد طموحات التوانسة بحياة أفضل.
هنا لم تحدث انقلابات، ولا ذعر، ولا تخويف، ولا ديماغوجيا غبية. وفشلت الدماء المراقة، سواء بالاغتيالات البشعة أو بالعمليات الإرهابية، في إحباط الوجهة المختارة. هنـاك كـم هائل من المشــكلات أمـام تونس ـ كما في كل مكان من العالم ـ ولكن التوانسة يبدون مهيئين لمواجهتها، وقد زاد تهيؤهم درجة اليوم.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...