تكـتـــيـــك

الرئيس المصري يتخبط، يقرر أمراً ثم يعود عن أجزاء منه، ويفاوض على أجزاء أخرى، ويتمسك بثالثة، وهكذا. تلك كانت الخاصية الأبرز على امتداد الأشهر الستة التي انقضت منذ انتخابه. وقد أدى هذا المسلك المتكرر الى تعزيز حدة الصراع في مصر، لأنه يستحث تعريفاً قدراً عالياً من الضغوط المتقابلة. وزاد في الأمر أن الرئيس المصري يهوى المفاجآت والسرعة، ما يضاعف من استفزاز الخصوم. والمحصلة أن الانقسام في المجتمع
2012-12-12

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

الرئيس المصري يتخبط، يقرر أمراً ثم يعود عن أجزاء منه، ويفاوض على أجزاء أخرى، ويتمسك بثالثة، وهكذا. تلك كانت الخاصية الأبرز على امتداد الأشهر الستة التي انقضت منذ انتخابه. وقد أدى هذا المسلك المتكرر الى تعزيز حدة الصراع في مصر، لأنه يستحث تعريفاً قدراً عالياً من الضغوط المتقابلة. وزاد في الأمر أن الرئيس المصري يهوى المفاجآت والسرعة، ما يضاعف من استفزاز الخصوم. والمحصلة أن الانقسام في المجتمع المصري وصل إلى الذروة، وهو مصحوب بقدر من العنف الدموي، ومن طغيان التحدي.
وتلك ليست ملامح مرحلة انتقالية انطلقت مع سقوط مبارك، غايتها حمل البلاد خارج عقود متعاقبة من القمع والفساد والافقار والتيئيس. فالمرحلة الانتقالية، لكي تنجح، تستند إلى أوسع تحالف توافقي بين القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، المناهضة للنظام الذي جرى الانقلاب عليه. بينما ما نراه هو نقيض ذلك.
ولكن هل يتعلق الأمر بالتخبط، أي بانكشاف مدى افتقاد الإخوان المسلمين لتصورات خاصة بهم تتعلق بالمطلوب اقتصادياً واجتماعيا وسياسيا للخروج من الميراث الخَرِب للنظام السابق، فإذا بهم يقومون باستنساخ وصفات ذلك النظام، كاللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، والالتزام بشروطه المقابلة للقرض، وعلى رأسها إلغاء الدعم عن مواد أساسية وفرض المزيد من الضرائب على السلع... وهو القرار الذي عاد الرئيس مرسي فعلَّقه منذ يومين، بعد يومين من اتخاذه، لمزيد من شرح ضرورته للناس! لا يجادل أحد في الوضع الكارثي لمصر. ولكن ذلك لا يُحَل بحرف الأنظار عن المسائل الرئيسية (الجوع والصحة والسكن والتعليم والبطالة... ) نحو عناوين ومهاترات تتسم بالديماغوجيا. فلو قُدِّمت للناس خريطة طريق واضحة تخرجهم مما هم فيه ولو بعد سنوات، ولو بُرهن لهم أن المزيد من التقشف سيؤدي الى الفرج، لتحملوا، ولحدثت معجزات. ولذا، فالتخبط المشهود ليس مجرد قلة خِبرة عابرة، بل هو علامة على محاولات «تقطيع» الوضع الصعب بواسطة سلسلة من التكتيكات والتشاطر. فإما أن الأمر مجرد تمرير التغيير في طاقم السلطة، وإما انه تغيير لنهج في إدارة البلاد. والاشتراطات ليست متشابهة. والمفارقة انه كلما انكشف عدم تهيؤ الاخوان المسلمين للحكم (بهذه المواصفات)، كلما ازداد تمسكهم بالسلطة بأسنانهم!
            
 

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...