عفواً، الموقع المطلوب محجوب

"عفواً الموقع المطلوب غير متاح، إن كنت ترى أنّ هذه الصفحة ينبغي ألاَّ تحجب تفضّل بالضغط هنا".قد تعترضك هذه الصفحة مراراً في السعودية وأنت جالسٌ تُبْحر في عالمك الافتراضي. مواقع إلكترونيةٌ على مختلف أنواعها يُعمِل فيها المراقب مقصّه فيحجبها لأنّه يرى في كينونتها شيئا ما خطِراً يفضّل أن يحمي مجتمعه منه.ممنوع، وإذا أردت أن تناقش في الموضوع أرسل باعتراضك لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات
2012-11-14

مريم ترحيني

كاتبة لبنانية مقيمة في السعودية


شارك
من موقع "إلى أين سورية"

"عفواً الموقع المطلوب غير متاح، إن كنت ترى أنّ هذه الصفحة ينبغي ألاَّ تحجب تفضّل بالضغط هنا".
قد تعترضك هذه الصفحة مراراً في السعودية وأنت جالسٌ تُبْحر في عالمك الافتراضي. مواقع إلكترونيةٌ على مختلف أنواعها يُعمِل فيها المراقب مقصّه فيحجبها لأنّه يرى في كينونتها شيئا ما خطِراً يفضّل أن يحمي مجتمعه منه.
ممنوع، وإذا أردت أن تناقش في الموضوع أرسل باعتراضك لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على الرابط الرابض في أسفل الصفحة، وهي ستنظر بالأمر. هذه الهيئة هي المسؤولة عن تعميم ثقافة الممنوع على الشبكة العنكبوتية، تضع كلّ ما لا يناسب أفكارها ومصالحها خلف قضبانها، رؤيةٌ هي مجرد انعكاسٍ لرغبات اليد الحاكمة لا أكثر. فهي صاحبة السلطة، المخوّل إليها تحديد ما يمكننا أن نقرأه أو نشاهده. وحدها من يستطيع الاطلاع على الأمور كاملةً من دون رقابة، وحدها لا يلاحقها مقصّ المواقع الإلكترونية الذي يحوّل زبدة الموضوع إلى مهزلة.
كلّ ممنوعٍ مرغوب، يكبر في معناه بمنعه، يصبح مثقلاً بدوافع تحضّ على خرق ستائر سميكة أرختها عليه عيون الدولة الساهرة على عقول مواطنيها. ترفض الدولة أن تلوّث أفكار مواطنيها بإبداعٍ مجهول، تمنع شغفهم من أن يصل إلى طرقٍ لا تريدهم أن يعبروها. تحاجّ بالثالوث المقدّس، الدين والأخلاق والوطن، وبتأثير ذلك في استقرار وأمن البلاد. هذا المنع شغل الكثير من الشباب السعودي في كيفية فكّ وِثاقه وكسر نظام البروكسي للوصول إلى المواقع المحجوبة بواسطة برامج ومواقع أجنبية.
يخضع العالم الافتراضي في المملكة للمراقبة، يمرّ على «فلتر» الحكومة قبل أن يصل لمواطنيها. تُحجب المواقع الإلكترونية لأسباب كثيرة، قد تكون ملتبسة وغير واضحة، وليست الدوافع الاخلاقية دائماً ما يقف وراءها. فالسياسة تلعب دوراً أساسياً في منع الموقع أو السماح له بالظهور. فـ«إيلاف»، أول صحيفة إلكترونية عربية يملكها عثمان العمير، وهو صحافي سعودي أيضاً، تمّ حجبها في السعودية على خلفية نشرها بعضا وثائق من ويكيليكس تتعلّق بالمملكة وتفضح أسرارها.
مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية هي من تُقرر ما على السعودي أن يمتصّه في هذا العالم، تحدد الخيارات المتاحة أمامه حفاظاً على تماسكه، تخاف من أي شيء يحمل بين ثناياه غمزات لجماعة دون أخرى. تمنع، تحذف ما تراه غير مناسب، تمحو تماماً ما يعتقده أولو الأمر عليها إساءةً وإهانة. قد لا يكون بمجمله خطرا لكن عبارة واحدة، فكرة واحدة، تكون كفيلة بإقصائه بعيداً عن أعين العامة.
تعتمد اللجنة الأمنية الموكلة إليها رقابة الإنترنت على ترشيحات من قبل المتصفحين العاديين لشبكة الإنترنت الذين يجدون في بعض المواقع الإلكترونية ضرراً يجب تفاديه، حيث يصل عدد طلبات الحجب في المملكة إلى ثلاثة آلاف طلب سنوياً. إضافةً إلى تعاقدها مع شركات عالمية تزوّدها بلوائح تصنّف المواقع الإلكترونية، تُحدَّث بشكل يومي.
يبدو الحجب منطقياً في ما يتعلّق بالمواقع الإباحية. لكن هناك العديد من المواقع الثقافية والفكرية والمدونات التّي تقدّم شيئاً ثميناً، وإن كان مخالفًا للآراء السائدة لدى أهل السلطة في السعودية. كما أن الكثير من المواقع التّي تحمل نهجاً شيعياً تحجب على خلفية عقائدها «المنحرفة» بنظر العقيدة الوهابية الحاكمة، لكن لا تحجب بالمقابل المواقع والمنتديات التّي تحمل خطاباً تكفيرياً مليئاً بالكراهية لأقلية لا يُستهان بها في المجتمع السعودي. كما تحجب المواقع ذات النفس الليبرالي «المفرط» الذي تعمل الحكومة على إخفاته بشتّى السبل.
ربّما ترى المملكة في العوام جماعة لا يملكون مقداراً مطلوباً من الوعي يخولهم معرفة عواقب الأمور. الشعب لا يدري كيف أنّ مقالة منشورة تحمل مجرد أفكار، كلمات مرصوفة قرب بعضها، كيف لها أن تشعل ناراً لحربٍ أهلية.
مختلف المواقع التّي يتمّ حجبها، تحمل فكرةً مخالفةً عن تلك السائدة، قد تعرّي شيئاً يختبئ في داخلنا، شيئًا نرفض أن نعترف به، لكنه موجودٌ وحقيقي. لا تبشّر تلك الأشياء بالحياة على كوكب آخر، كلّ ما في الأمر أنّها تحشرنا في زاوية العالم، تكشف الغطاء عن أمورٍ رغبنا دوما في دفنها أو ذرّها في الهواء.
المنع هو الوسيلة الأسهل برأي الحكومة لقطع دابر النقاش. هذا المبرر لم يعد ينفع، فما نجده هو رغبةٌ من المتصفحين لمعرفة الأمر الذي تحاصره الدولة وتخفيه خلف ستائرها السميكة، الحجب صار مبرراً للتمكّن من تقنية الاختراق وفكّ رموز الشيفرة التّي تفضح أشياء لو قرأناها أو شاهدناها لن تنقص من إيماننا أو تغيّر من عقيدتنا، لكنّها ستزيدنا وعياً، تفتح في عقولنا أبواباً جديدة، ستوضح الرؤية أمامنا، سوف تعرّفنا أنّ على هذه الأرض أناسٌ لا يعتنقون رأينا، قد يخالفوننا بطريقة تفكيرنا، هم ببساطة لا يرون الأمور من منظارنا.
تعدّ السعودية من الدول التّي تمارس الرقابة بشكلٍ مفرطٍ على الشبكة العنكبوتية، والحجب لديها سياسةٌ للسيطرة على العالم الافتراضي الذي بدأ يجرف الدول من حولها. ليست المملكة هي الوحيدة التي تعمد إلى تبني هذا الخيار. فالحرية المطلقة في تصفّح الإنترنت مفقودةٌ لدى العديد من الدول، عربية كانت أم أجنبية، من مصر إلى تونس إلى الصين وإيران وروسيا. تحجب الدول الكبيرة تفاصيل العالم الصغيرة، ما تخاف تأثيره في استقرار ملحوظ فيها، كل ما لا يتوافق مع آرائها وسياستها تلصقه بالدين والأخلاق، وتمرر عليه مقصّها.
لا حجب لمواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، لكن عين الرقيب الساهرة مفتوحة. قد يتعرّض المغرّد أو صاحب الفيديو على اليوتيوب للمساءلة والمحاسبة، قد يسجن لتغريدة، قد يعاقب لمشهدٍ بثَّه وفي تطاولٌ لم تعهده السعودية من قبل. الفايسبوك والتويتر واليوتيوب أحرار في مجتمع السعودية، لكن خلفهم تقف الظلال التّي تتحين الانقضاض على أمور لا تعجبها.

مقالات من السعودية

خيبة م ب س الاقتصادية

كان النزاع المدمر على سوق النفط، ودور السعودية - وبخاصة محمد بن سلمان- في تأجيجه، مقامرة وحماقة في آن. فإن كانت السعودية تخسر 12 مليون دولار يومياً مقابل كل دولار...

للكاتب نفسه

السعودية تقاتل البعبع

حفرت الدالوة اسمها عميقا في الذاكرة السعودية. انتبهت المملكة فجأة الى أنّها ليست بعيدة عن خط النار، وأنّ زمام الأمور على أراضيها قد يسلّم نفسه للشيطان ليعيث في أمنها المضبوط...

... فلنمُت إذاً

أوردت صحيفة سعودية خبراً عن توقيف امرأة تقود سيارة في منطقة صفوى في القطيف متوجهة فيها إلى المشفى إثر تعرضها لأزمة بسبب مرض مزمن. سمحت الشرطة للمرأة بتلقي العلاج، ومن...