أمينة الفلالي وأمها

في عاشر مارس 2012 انتحرت أمينة الفيلالي. السبب تزويجها من الشخص الذي اغتصبها. أثار ذلك حزنا كبيرا، ثارت الجمعيات النسائية على تزويج البنات بمغتصبيهن. قام الصحافيون بزيارات ميدانية لمدينة العرائش شمال المغرب حيث كانت تعيش أمينة... وتضاربت الروايات حول حقيقة ما جرى... تحت ضغط وسائل الإعلام صرح والد أمينة بمواقف متناقضة... ولحسم الجدل بالوثائق جاء وزير العدل مصطفى الرميد إلى التلفزة ومعه
2012-09-14

محمد بنعزيز

كاتب وسينمائي من المغرب


شارك
والدة أمينة

في عاشر مارس 2012 انتحرت أمينة الفيلالي. السبب تزويجها من الشخص الذي اغتصبها. أثار ذلك حزنا كبيرا، ثارت الجمعيات النسائية على تزويج البنات بمغتصبيهن. قام الصحافيون بزيارات ميدانية لمدينة العرائش شمال المغرب حيث كانت تعيش أمينة... وتضاربت الروايات حول حقيقة ما جرى... تحت ضغط وسائل الإعلام صرح والد أمينة بمواقف متناقضة...
ولحسم الجدل بالوثائق جاء وزير العدل مصطفى الرميد إلى التلفزة ومعه الطلب الذي قدمه والد أمينة للقاضي لكي يزوج ابنته للرجل الذي قيل أنه اغتصبها.
كما أدلى وزير العدل وهو محامي متمرس بمحاضر أربع جلسات عقدهن القاضي مع أمينة، بنت 14 سنة، قبل تزويجها للمغتصب برضاها ورضى والدها وأمها.
هل كان هناك اغتصاب؟
لا، كان كل شيء برضاها. لكن القانون المغربي يعتبر كل مضاجعة لقاصر اغتصابا.
النتيجة: كل شيء قانوني. فأين المشكل؟
انتحرت أمينة بعد سبعة أشهر من زواجها بسبب خلافات مع زوجها. أي أن سبب الانتحار لا يرجع لما قبل الزواج بل لما بعده.  
إلى هنا كل شيء مغسول ونحن بخير وأبرياء من دم أمينة. فلماذا تحتج الجمعيات النسائية؟
تتكون هذه الجمعيات من بنات المدن المتعلمات اللواتي يملكن دخلا مستقرا ويتفلسفن بطلب منع زواج القاصرات.
أجابهن وزير العدل: إن الذين يطالبون بتعديل مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية) يفتحون باب جهنم. فإذا لم يقبل القاضي التزويج، خاصة في البوادي، يجري الزواج بالفاتحة. وهنا نكون قد آذينا القاصر من حيث أردنا حمايتها.
بالأرقام، جرى تزويج 33000 قاصر في المغرب سنة 2009. ويتزايد زواج القاصرات في المغرب بنسبة 10% سنويا.
لماذا؟
لثلاثة أسباب
الأول يعود لتفكير العريس الذي يريد بنتا لم يطمثها إنس ولا جان. لذا يبحث عن فتاة صغيرة السن وغالبا في البادية. لا تعرف الحب، يدشنها بنفسه ويكون أول من يعلمها الحب.
الثاني يعود لظروف الأسر. كيف يفكر رب وربة الأسرة؟  
تأخر الزواج يجعل البنت عانسا ثم بائرة، ويشرحون لها "ظل راجل ولا ظل حيطة"، ويدعم هذا بخطاب يقول:
أولا إذا كان أحد شيوخ السلفية قد أجاز تزويج بنت تسع سنوات، فما العيب في تزويج بنت 14؟
ثم إذا كان مصير كل بنت هو الزواج، فلماذا لا تتزوج مغتصبها.
أخيرا الخيار الأسوء: هل سيتقدم شخص ما للزواج ببنت تعرضت للاغتصاب؟ لا. ستبقى عانس. لذا فالزواج أفضل. وهذا المنطق تستضمره حتى ضحية الاغتصاب.
الثالث نعرف ما تنقله القنوات التلفزية عن الحقوق والمساواة للنساء، لكن ما يقال خلف الكاميرا مختلف. تسود نظرة ذكورية أساسها أن كيدهن عظيم، وهي نظرة تستبطنها حتى النساء، فقد سمعتهن مرارا يقلن أن الضرب يصلح المرأة، غالبا ما تحمل الضحية مسؤولية اغتصابها، فهي التي لم تستر جسدها، وبذلك أثارت غريزة المجرم. والبادي أظلم... يقتضي العرف السائد أن تتحمل النساء كلفة الاستقرار الاجتماعي. ومن ذلك القبول بالأمر الواقع والتعايش معه  
في تزويج المغتصبة تلتقي الروافد الثلاثة، فالمغتصبة قد تعرضت لتدشين علني، ومن الأفضل تزويجها لرجل يقبل بها لستر الفضيحة. ثم إنها تضمن مستقبلها وسمعتها. ستنجب أطفالا وستنسى.   
وإلى انتحار آخر.


وسوم: العدد 10

للكاتب نفسه