البطالة والهجرة

تضمَّن البحث أسئلة حول ما إذا كان المستجيب يعمل، مع أنّه لا يسأل المستجيب الذي لا يعمل إن كان يسعى إلى عمل أم لا. وفي معظم البلدان، يقول أربعة أعشار المستجيبين إنهم يعملون. وتوجد في لبنان أعلى نسبة من المستجيبين العاملين، حيث يعمل الثلثان، تليها مصر بنسبة 49 في المئة. أمّا في تونس فإنّ الثلث فقط هم الذين يقولون إنهم يعملون حالياً. <script id="infogram_0_i_work-3250315449"
2015-05-20

شارك
محمد سعيد بعلبكي-لبنان

تضمَّن البحث أسئلة حول ما إذا كان المستجيب يعمل، مع أنّه لا يسأل المستجيب الذي لا يعمل إن كان يسعى إلى عمل أم لا. وفي معظم البلدان، يقول أربعة أعشار المستجيبين إنهم يعملون. وتوجد في لبنان أعلى نسبة من المستجيبين العاملين، حيث يعمل الثلثان، تليها مصر بنسبة 49 في المئة. أمّا في تونس فإنّ الثلث فقط هم الذين يقولون إنهم يعملون حالياً.

هل تعمل؟المجيبون بنعم % | Create infographics

ربما كانت هذه الفروق بين البلدان ناجمة، إلى حدٍّ ما، عن اختلافات ثقافية بينها. على سبيل المثال، ففي لبنان هناك أكثر من نصف المستجيبات الإناث في لبنان يقلن إنهن يعملن، وهذا إلى الآن أعلى معدل في أي بلد من البلدان التي طالها المسح. لكن هناك عوامل أخرى تساهم في تفسير هذا الاختلاف، مثل الصناعات المهيمنة، ووفرة العمالة غير الرسمية، وتوفّر العمل.
يُلاحظ في جميع البلدان أنَّ المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 هم الأكثر احتمالاً من حيث الحصول على عمل. أمّا الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 فالأرجح أن يكونوا طلاباً أو عاطلين عن العمل، في حين عادةً ما يكون من بلغوا الخمسين وأكثر من المتقاعدين أو ربات البيوت.
احتمال عمل المحتجين أعلى منه بالنسبة إلى غير المحتجين، لكن هذه العلاقة تعود في معظم البلدان إلى حقيقة أنَّ كلاً من المحتجين والعاملين هم من الذكور. ولا تكشف مقارنة المحتجين بغير المحتجين الذكور عن فروق مماثلة في عمالة أولئك الذين شاركوا في الربيع العربي.
وعلى الرغم من الاضطرابات الاقتصادية، لم تُبدِ معظم البلدان سوى تغير طفيف في نسبة المواطنين الذين يعملون بين دورتي المسح الثانية والثالثة. والاستثناءان بهذا الصدد هما اليمن، حيث انخفضت نسبة العاملين من 52 في المئة إلى 38 في المئة (-14 نقطة)، وتونس (-9 نقاط). وهذان الاختلافان جديران بالاهتمام بالنظر إلى أن هذين البلدين كانا من بين الأكثر تضرراً من احتجاجات الربيع العربي.

 

الهجرة

توجد نسبة كبيرة من مواطني البلدان العربية تريد الهجرة لأسباب سياسية أو اقتصادية. وفي جميع البلدان، يقول نحو ربع السكان إنهم سيهاجرون إذا ما أتيحت لهم الفرصة، بما في ذلك 39 في المئة في لبنان، و35 في المئة في اليمن و 34 في المئة في المغرب. والمُلاحظ أنَّ التوانسة (22 في المئة) والمصريين (23 في المئة) هم الأقل عزماً على الهجرة، الأمر الذي لعلّه يعكس تفاؤلاً أساسياً في كل بلد من هذين البلدين على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه كليهما.

yes for immigration | Create infographics

الفئة العمرية هي العامل الحاسم في ما يتعلق بالرغبة في الهجرة. فالبالغون ممن تبلغ أعمارهم بين 18 - 29 عاماً هم الأشد رغبة بما لا يقاس من أولئك الذين باتوا أكبر من أن يرغبوا في ترك بلادهم. ويسعى ما يزيد على نصف الشباب البالغ في الجزائر (53 في المئة) ولبنان (51 في المئة) إلى الهجرة، وكذلك ما يزيد على أربعة أعشار هؤلاء في تونس (44 في المئة) والمغرب (44 في المئة)، اليمن (43 في المئة) والأردن (42 في المئة). أمّا المصريون الذين تبلغ أعمارهم 18- 29 فهم الأقل رغبة في الهجرة، ومع ذلك فثلث هؤلاء لا يزالون يسعون للسفر خارج البلاد. وتنطوي رغبة الشباب القوية في الهجرة على الشعور بأن النظم السياسية والاقتصادية القائمة لا تلبي توقعاتهم، وأنهم يتطلعون إلى خيارات أخرى في تأمين مستقبل أفضل.

yes for immigration-ages | Create infographics

في معظم البلدان، يرغب ما بين ربع المواطنين البالغة أعمارهم 30 - 49 وثلثهم في الهجرة. ويحبذ أكثر من أربعة أعشار اللبنانيين (41 في المئة) من هذه الفئة مغادرة البلاد بالمقارنة مع عشريّ هذه الفئة فحسب في تونس. أما الرغبة في الهجرة لدى من بلغوا الخمسين أو تجاوزوها فهي أدنى أيضاً، إذ تتراوح من ربع هذه الفئة في لبنان إلى 6 في المئة في الجزائر.
المحتجون أشدّ ميلاً إلى الهجرة من غير المحتجين في جميع البلدان. ونجد الفارق الأكبر في الجزائر حيث يبلغ 28 نقطة لمصلحة من شاركوا في التظاهرات قياساً بمن لم يشاركوا. وتوجد فجوات كبيرة أيضاً في مصر (+25)، واليمن (+15)، وتونس (+11)، والمغرب (+10)، والأردن (+10)، وفلسطين (+10).

immigrating protesters | Create infographics

بوجه عام، انخفضت الرغبة في الهجرة في عديد من البلدان بمرور الوقت. في الجولة الأولى من البارومتر العربي (2006-2007)، كان أكثر من نصف الجزائريين (52 في المئة) يريدون ترك وطنهم، أمّا في الجولة الثالثة (2013) فكان هؤلاء أقلّ من الثلث (31 في المئة). وتُلاحظ انخفاضات مماثلة في المغرب (-18 نقطة)، واليمن (-15)، ولبنان (-12). وخلال الفترة ذاتها، ازدادت رغبة الفلسطينيين في الهجرة من 18 في المئة إلى 28 في المئة، ربما بسبب اتضاح فشل عملية السلام والوضع السياسي في البلد. وعلاوةً على هذا، فإنَّ المصريين أمْيل إلى الهجرة مما كانوا عليه في الأشهر التي تلت الربيع العربي مباشرة، ما يمثّل زيادة من 10 في المئة إلى 23 في المئة. أمّا في البلدان الأخرى، بما في ذلك تونس والأردن، فظلت الرغبة في الهجرة ثابتة إلى هذا الحدّ أو ذاك قبل الربيع العربي وبعده.
ربما كانت النسب المتدنية لأولئك الذين يسعون إلى الهجرة مرتبطةً بتغير المواقف في الدول الغربية، خصوصاً في أوروبا. فقد تشددت المواقف المعادية للمهاجرين، وقلّ عدد المواطنين العرب الذين يتطلعون إلى الخارج كملجأ من الأوضاع السياسية أو الاقتصادية في وطنهم. والحال، أن عدم القدرة على الهجرة، متضافراً مع فشل الأنظمة القائمة المتواصل في تحسين حياة مواطنيها يمكن أن يفسر جزئياً ذلك الإحباط المتزايد حيال الأنظمة السياسية القائمة والذي تجلّى في نهاية المطاف في الانتفاضات العربية.

**  تشارَك في البحث  كلٌّ من أماني جمّال من جامعة برنستون ومايكل روبنز من "الباروميتر العربيّ"، وأصدره "برنامج العدالة الاجتماعيّة وسياسات التنميّة" في معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت، بالتّعاون مع مركز ممدوحة س. بوبست للسلام والعدالة في جامعة برنستون، بتمويل من مؤسسة إلمِر وممدوحة بوبست في نيويورك. هنا الجزء الثالث.
الجزء  الأول
الجزء الثاني