القضاء المصري.. لا يتطور

انطلقت ورشة إصلاح قانون السلطة القضائية مع حراك 2011. لكنها راحت بعد 3 تموز/يوليو 2013 تنحسر، وقد بات إقرار أي قانون للسلطة القضائية يستوجب موافقة ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب على اعتبار انه يُعدّ قانونا مكملا للدستور المصري، وفق المادة 121 منه. فعند تولي المستشار حسام الغرياني، أبرز رموز تيار استقلال القضاء، رئاسة محكمة النقض ومعها رئاسة مجلس القضاء الأعلى، في تموز/ يوليو 2011،
2014-08-20

شارك

انطلقت ورشة إصلاح قانون السلطة القضائية مع حراك 2011. لكنها راحت بعد 3 تموز/يوليو 2013 تنحسر، وقد بات إقرار أي قانون للسلطة القضائية يستوجب موافقة ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب على اعتبار انه يُعدّ قانونا مكملا للدستور المصري، وفق المادة 121 منه.
فعند تولي المستشار حسام الغرياني، أبرز رموز تيار استقلال القضاء، رئاسة محكمة النقض ومعها رئاسة مجلس القضاء الأعلى، في تموز/ يوليو 2011، تجدد أمل القضاة في تعديل قانون السلطة القضائية بما يضمن تحقيق ذلك الاستقلال.
قام المستشار حسام الغرياني بتشكيل لجنة برئاسة المستشار أحمد مكي، أعلنت عن استقبالها كل الاقتراحات وأرسلت رسالة لنادي القضاة تطلب من اعضائه طرح رؤيتهم. وسعت إلى إنجاز مشروعها لتمريره من خلال المجلس العسكري والاستفادة من ضعف السلطة التنفيذية.
لكن التعديلات التي صاغتها اللجنة لم تر النور رغم أهميتها. فسرعان ما تصاعدت الخلافات بين نادي القضاة ولجنة المستشار أحمد مكي. قام نادي القضاة بتشكيل لجنة لصياغة مشروع قانون، ورفض إرسال مقترحاته إلى لجنة المستشار أحمد مكي، بينما اعتبر «تيار الاستقلال» أن النادي كانت لديه فرصة خلال ثلاث سنوات لتعديل القانون ولم يفعل. أدت تلك الخلافات إلى عدم إقرار مشروع القانون الذي قدم إلى المجلس العسكري حينها وإحالته لتتم مناقشته من قبل مجلس الشعب المنتخب. ثم انتقلت الأزمة إلى مجلس الشورى، بعدما انتقلت إليه السلطة التشريعية تبعا لحل مجلس الشعب.بعد ذلك قامت تظاهرات 30 حزيران /يونيو2013، وحل مجلس الشورى، مما ترتب عليه عدم إقرار أي تعديلات لقانون السلطة القضائية.
أقدم القضاة على المطالبة بـ«دسترة» كل حقوقهم الأساسية، وما يعتبرونه يضمن استقلاليتهم من خلال مواد تدرج في الدستور الجديد، بعد رفض قوانين مقترحة من الأحزاب الإسلامية وبعد حادثة عزل النائب العام من قبل الرئيس محمد مرسي. وطالبوا بشرط موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب على تعديلات قانون السلطة القضائية، في محاولة منهم لزيادة درجة صعوبة إقرار أي تعديلات على القانون بغير رضاهم، ولكنه يعني كذلك تحقيق توافق جميع الأطراف: بين القضاة أنفسهم لأي مشروع واحد يقدم إلى مجلس النواب، ثم بين النواب، وأخيرا بين الاخيرين والقضاة من جديد، ما لا تخفى صعوبته.
وكان المستشار أحمد مكي صرح في حوار مع المذيع يسري فودة، انه يتمنى أن تصدر تعديلات قانون السلطة القضائية بقرار من المجلس العسكري وعدم انتظار البرلمان المنتخب، لأن الحكومة التي كانت تتولى السلطة وقتها موقتة، تعلم أنها لن تستمر في الحكم كثيراً، والمجلس العسكري غير راغب في السلطة وسوف يسلمها قريبا... مما ينفي عنهم الغاية من استمرار القانون كما هو، لأن كل المشاكل التي أصابت قانون السلطة القضائية كانت بسبب «الرغبة في الاستمرار بالسلطة». المعضلة تكمن إذاً في عدم تقبل السلطة للرقابة القضائية ولا للقيود التي تفرضها، فهل تغير الوضع الآن؟
يرى البعض أن القضاة لا يريدون حقيقة تعديل قانون السلطة القضائية، ويدللون على ذلك بعدم توافقهم على قانون واحد، أو يعللون ذلك بأن أي تعديل على القانون سيتطرق إلى تعديلات تمس طريقة التعيين في الجهات والهيئات القضائية والنيابة العامة، وهو الأمر الذي يعرقل مبدأ «التوريث» الساري في القضاء المصري، خصوصا أن المشروع الذي كان يعده المستشار أحمد مكي تطرق إلى تعديل طرق التعيين وإنشاء أكاديمية للقضاة.
أقر الدستور المصري بعض المبادئ الدستورية التي تمس القضاء والتي تستوجب بناء عليه تعديل القانون، منها ضمان تعيين المرأة في القضاء، وتعديل طريقة اختيار النائب العام. كما نص على عدم جواز «ندبهم كليا أو جزئيا إلا للجهات والأعمال التي يحددها القانون».
فهل مناقشة القانون وتعديله ستقتصران على إقرار إلغاء الندب الكلي والجزئي.. دون التطرق للمواد الإصلاحية التي تمثل مطالب قضائية وحقوقية واجتماعية؟

عن المفكرة القانونية (18 آب / أغسطس 2014 )